مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦٢ - الصفحة ٢٦١
لا تعلمهم نحن نعلمهم) * (1)، وفيها بطانة لا يألونه خبالا (2)؟!
فهل يألفون الوصي، أو يردون منهله الروي؟!
كلا، بل اتفقوا على جحوده، وأجمعوا على مكاشفته بكل صراحة!
وكانوا يحسدونه على ما آتاه الله من فضله (3)، حيث بلغ - في علمه وعمله ونصحه وإخلاصه وحسن بلائه - رتبة عند الله ورسوله تقاصرت عنها الأقران، ونال من الله ورسوله - بخصائصه من سوابقه ولواحقه - منزلة قد انقطعت دونها المطامع.
وبذلك دبت عقارب الحسد له في قلوب المتنافسين من الزعماء وكبار القوم، فاجتمعوا على نقض عهده مهما كلفهم الأمر، ومهما قاسوه من شدة وعناء.
وكان العرب قد تشوفوا (4) إلى تداول الخلافة في قبائلهم، فأمضوا نياتهم على ذلك، وشحذوا عزائمهم للقيام به، فتبايعوا على صرف الخلافة - بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - عن بني هاشم، مخافة أن لا تخرج عنهم إذا كان الخليفة الأول منهم.
وتصافقوا على جعلها من أول مرة بالاختيار والانتخاب، ليكون لكل

(١) سورة التوبة ٩: ١٠١.
(٢) مقتبس من قوله عز وجل: * (لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا) * سورة آل عمران ٣: ١١٨، والخبال: الفساد، أي فيها جماعة لا تقصر في إفساد أمره، انظر: لسان العرب ٤ / ١٩ مادة " خبل ".
(٣) إشارة إلى قوله تعالى: * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) * سورة النساء ٤: ٥٤، المفسرة به وذريته المعصومين (عليهم السلام).
(٤) اشتاف يشتاف اشتيافا: إذا تطاول ونظر، وتشوفت إلى الشئ: أي تطلعت.
انظر: لسان العرب ٧ / 238 مادة " شوف ".
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»
الفهرست