وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله (1)..
وبأهل مكة الطلقاء، مضمري العداوة والبغضاء، ومن كان على شاكلتهم من ضواري الفتنة، وطواغي الغي، وسباع الغارة، وأعداء الحق، وقد قويت بفقد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شوكتهم، إذ صار المسلمون بعده (صلى الله عليه وآله وسلم) كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية بين ذئاب عادية ووحوش ضارية..
ومسيلمة الكذاب، وطليحة بن خويلد الدجال، وسجاح بنت الحرث الأفاكة، وأصحابهم، قائمون في محق الإسلام وسحق المسلمين على ساق..
والرومان والأكاسرة، وغيرهما من ملوك الأرض، كانوا للمسلمين بالمرصاد..
إلى كثير من هذه العناصر الجياشة بكل حنق من محمد وآله وأصحابه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبكل حقد وحسيكة (2) لكلمة الإسلام، تريد أن تنقض أساسها، وتستأصل شأفتها، وإنها لنشيطة في ذلك مسرعة متعجلة، ترى أن الأمر قد استتب لها، وأن الفرصة بفقد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد حانت، فأرادت أن تسخر تلك الفرصة، وتنتهز تلك الفوضى قبل أن يعود الإسلام إلى قوة وانتظام.
فوقف أمير المؤمنين بين هذين الخطرين، فكان من الطبيعي له أن يضحي حقه قربانا لدين الإسلام وإيثارا للصالح العام، لذلك قعد في بيته،