مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢١ - الصفحة ٤٤٤
ووجه آخر:
ومما يوضح أن النبي صلى الله عليه وآله أراد أن يوجب لأمير المؤمنين عليه السلام بذلك منزلة الرئاسة والإمامة والتقدم على الكافة فيما يقتضيه فرض الطاعة، أنه قررهم بلفظة " أولى " على أمر يستحقه عليهم من معناها، ويستوجبه من مقتضاها، وقد ثبت أله يستحق في كونه أولى بالخلق من أنفسهم أنه الرئيس عليهم، والنافذ الأمر فيهم، والذي طاعته مفترضة على جميعهم، فوجب أن يستحق أمير المؤمنين عليه السلام مثل ذلك بعينه، لأنه جعل له منه مثل ما هو واجب له، فكأنه قد قال: من كنت (أولى) به من نفسه في كذا وكذا فعلي أولى به من نفسه فيه.
ووجه آخر:
وهو أنا إذا اعتبرنا ما تحتمله لفظة (مولى) من الأقسام، لم نر فيها ما يصح أن يكون مراد النبي صلى الله عليه وآله إلا ما اقتضاه الإمامة والرئاسة على الأنام، وذلك أن أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن مالكا لرق كل من ملك رسول الله صلى الله عليه وآله رقه، ولا معتقا لكل من أعتقه، فيصح أن يكون أحد هذين القسمين المراد، ولا يصح أن يريد المعتق لاستحالة هذا القسم فيها علي كل حال.
ولا يجوز أن يريد ابن العم والناصر، فيكون قد جمع الناس في ذلك المقام ويقول لهم: من كنت ابن عمه فعلي ابن عمه!! أو: من كنت ناصره فعلي ناصره!!
لعلمهم ضرورة بذلك قبل هذا المقام، ومن ذا الذي يشك في أن كل من كان رسول الله صلى الله عليه وآله ابن عمه فإن عليا عليه السلام كذلك ابن عمه، ومن ذا الذي لم يعلم أن المسلمين كلهم أنصار من نصره النبي صلى الله عليه وآله!! فلا معنى لتخصيص أمير المؤمنين عليه السلام بذلك دون غيره.
ولا يجوز أن يريد ضمان الجرائر واستحقاق الميراث، للاتفاق على أن ذلك لم يكن واجبا في شئ من الأزمان.
(٤٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 439 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 ... » »»
الفهرست