مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢١ - الصفحة ٤٤٦
فصل وزيادة فأما الذين ادعوا أن رسول الله صلى الله عليه وآله إنما قصد بما قاله في أمير المؤمنين عليه السلام يوم الغدير أن يؤكد ولاءه في الدين، ويوجب نصرته على المسلمين، وأن ذلك على معنى قوله سبحانه: ﴿والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض﴾ (44) وإن الذي أوردناه من البيان على أن بلفظة (مولى) يجب أن تطابق معنى ما تقدم به التقرير في الكلام، وأنه لا يسوغ حملها على غير ما يقتضي الإمامة من الأقسام، يدل على بطلان ما ادعوه في هذا الباب، ولم يكن أمير المؤمنين عليه السلام بخامل الذكر فيحتاج إلى أن يقف به في ذلك المقام ويؤكد ولاءه على الناس، بل قد كان مشهورا، وفضائله ومناقبه وظهور علو مرتبته وجلالته قاطعا للعذر في العلم بحاله عند الخاص والعام (45).
على أن من ذهب في تأويل الخبر إلى معنى الولاء في الدين والنصرة، فقوله داخل في قول من حمله على الإمامة والرئاسة، لأن إمام العالمين يجب موالاته في الدين، وتتعين نصرته على كافة المسلمين، وليس من حمله على الموالاة في الدين والنصرة يدخل في قوله ما ذهبنا إليه من وجوب الإمامة، فكان المصير إلى قولنا أولى.

(٤٤) التوبة ٩: 71.
(45) ذكر ابن حجر في إصابته 2: 507 - بعد سرده لجانب من فضائله ومناقبه عليه السلام -: " ومناقبه كثيرة، حتى قال الإمام أحمد: لم ينقل لأحد من الصحابة ما نقل لعلي).
وليت شعري أنى يذهب البغض بذوي الرؤوس الخاوية ليهجوا هذا النهج من المطل والمماراة والالتفاف حول كلمة الحق، ألا رجعوا إلى أنفسهم فسألوها وماذا أراد رسول الله الله عليه وآله وسلم بذلك وقد جمع له المسلمون من أقصى الأرض إلى أدناها بهذا الجو اللاهب والشوق العارم للعودة إلى الأهل والخلان بعد أداء فرض الله تعالى وبعد وعثاء السفر، ألا لا مناص من الإجابة بأن الأمر أعظم وأشد مما ذهبوا إليه، بل وهل هي إلا الوصية والخلافة التي يعرفونها كما يعرفون أبناءهم ولكنهم ينكرونها حتى تكون حجة عليهم يوم القيامة حين يحق الحق ويبطل الباطل، وعندئذ يخسر المبطلون.
(٤٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 ... » »»
الفهرست