مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢١ - الصفحة ٤٤٧
وأما الذين غلطوا فقالوا: إن السبب في ما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الغدير إنما هو كلام جرى بين أمير المؤمنين وبين زيد بن حارثة، فقال علي عليه السلام لزيد: أتقول هذا وأنا مولاك؟! فقال له زيد: لست مولاي، إنما مولاي رسول الله صلى الله عليه وآله، فوقف يوم الغدير فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، إنكارا على زيد، وإعلاما له أن عليا مولاه (46)!
فإنهم قد فضحهم العلم بأن زيدا قتل مع جعفر بن أبي طالب عليه السلام في أرض مؤتة (47) من بلاد الشام قبل يوم غدير خم بمدة طويلة من الزمان (48)، وغدير خم إنما كان قبل وفاة النبي صلى الله عليه وآله بنحو الثمانين يوما وما حملهم على هذا الدعوى إلا عدم معرفتهم بالسير والأخبار (49).
ولما رأت الناصبة غلطها في هذه الدعوى رجعت عنها، وزعمت أن الكلام كان

(٤٦) أنظر: العقد الفريد ٥: ٣٥٧.
(٤٧) مؤتة - بالضم ثم واو مهموزة ساكنة، وتاء مثناة من فوقها، وبعضهم لا بهمزة - قرية من قرئ البلقاء في حدود الشام، وقيل: مؤتة من مشارف الشام، وبها كانت تطبع السيوف وإليها تنسب المشرفية في السيوف.
أنظر: معجم البلدان ٥: ٢١٩.
(48) نقلت كافة كتب التاريخ والسير والحديث بلا أي خلاف بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث بعثة إلى موتة في جمادي الأولى من سنة ثمان للهجرة، واستعمل عليهم زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله ابن رواحة، واستشهدوا هناك في تلك السنة واحد بعد الآخر.
أنظر: تأريخ الأمم والملوك - للطبري - 3: 36، الكامل في التأريخ - لابن الأثير - مروج الذهب - للمسعودي - 3: 30 / 1493، المغازي للواقدي 2: 755، السيرة النبوية - لابن هشام - 4: 15، السيرة النبوية - لابن كثير - 3: 455، معجم البلدان - للحموي - 5: 219.
(49) إنه لأمر غريب فعلا أن يحدث هذا الخلط الفاضح، الذي يبدو مستهجنا ممن يملك أدني معرفة بشئ من التأريخ، ناهيك بمن يتجرأ ليكتب التأريخ ويضع فيه ما يراه مناسبا.
ولا أجد لذلك تفسيرا إلا أن الله تعالى شاء أن يفضح أولئك الذين أعماهم الحقد عن روية شمس الحق.
وتالله إن الأمر ليبلو أوضح من أن يلتبس به أحد، فكتب الحديث والسنن التي نقلت هذه الواقعة تشير نصا إلى أنها كانت في حجة الوداع.
أنظر: الهامش رقم (1)؟
وكل كتب التأريخ تذكر أن هذه الحجة كانت في السنة العاشرة من الهجرة النبوية، وهي لا تختلف أيضا في أن وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت في السنة الحادية عشر، فأين هذه من تلك؟!
(٤٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 ... » »»
الفهرست