مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢١ - الصفحة ٤٤٣
ووجه آخر:
وهو أن قول النبي صلى الله عليه وآله: " فمن كنت مولاه فعلي مولاه " لا يخلو من حالين: إما أن يكون أراد " بمولى " ما تقدم به التقرير من " الأولى "، أو يكون أراد قسما غير ذلك من أحد محتملات " مولى ".
فإن كان أراد الأول، فهو ما ذهبنا إليه واعتمدنا عليه، وإن كان أراد وجها غير ما قدمه من أحد محتملات " مولى " فقد خاطب الناس بخطاب يحتمل خلاف مراده، ولم يكشف لهم فيه عن قصده، ولا في العقل دليل عليه يغني عن التصريح بمعنى ما نحا إليه، وهذا لا يجيزه على رسول الله صلى الله عليه وآله إلا جاهل لا عقل له.
الجواب عن السؤال الرابع.
وأما الحجة على أن لفظة " أولى " تفيد معنى الإمامة والرئاسة على الأمة، فهو أنا نجد أهل اللغة لا يصفون بهذه اللفظة إلا من كان يملك تدبير ما وصف بأنه أولى به، وتصريفه وينفذ فيه أمره ونهيه. ألا تراهم يقولون: إن السلطان أولى بإقامة الحدود من الرعية، والمولى أولى بعبده، والزوج أولى بامرأته، وولد الميت أولى بميراثه من جميع أقاربه، وقصدهم بذلك ما ذكرناه دون غيره.
وقد أجمع المفسرون على أن المراد بقوله سبحانه: ﴿النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم﴾ (42) أنه أولى بتدبيرهم والقيام بأمورهم، من حيث وجبت طاعته عليهم (43).
وليس يشك أحد من العقلاء في أن من كان أولى بتدبير الخلق وأمرهم ونهيهم من كل أحد منهم، فهو إمامهم المفترض الطاعة عليهم.

(٤٢) الأحزاب ٣٣: ٦.
(٤٣) تفسير الطبري ٢١: ٧٧، الجامع لأحكام القرآن - للقرطبي - 14: 122، التفسير الكبير - للفخر الرازي - 25: 195، زاد المسير - للجوزي - 6: 352.
(٤٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 438 439 440 441 442 443 444 445 446 447 448 ... » »»
الفهرست