وهذا الأمر لا لبس فيه.
وأما الذين اعتمدوا على أن خبر الغدير لو كان موجبا للإمامة لأوجبها لأمير المؤمنين عليه السلام في كل حال، إذ لم يخصصها النبي صلى الله عليه وآله بحال دون حال، وقولهم: إنه كان يجب أن يكون مستحقا لذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله، فإنهم جهلوا معنى الاستخلاف والعادة المعهودة في هذا الباب.
وجوابنا أن نقول لهم: قد أوضحنا الحجة علي أن النبي صلى الله عليه وآله استخلف عليا عليه السلام في ذلك المقام، والعادة جارية فيمن يستخلف أن يخصص له الاستحقاق في الحال، والتصرف بعد الحال، ألا ترون أن الإمام إذا نص على حال له يقوم بالأمر بعده، أن الأمر يجري في استحقاقه وتصرفه على ما ذكرناه؟! ولو قلنا:
إن أمير المؤمنين عليه السلام يستحق بهذا النص التصرف والأمر والنهي في جميع الأوقات علي العموم والاستيعاب إلا ما استثناه الدليل، وقد استثنت الأدلة في زمان حياة رسول الله صلى الله عليه وآله الذي لا يجوز أن يكون فيه متصرف في الأمة (غيره) (54) ولا آمر ناه لهم سواه، لكان هذا أيضا من صحيح الجواب.
فإن قال الخصم: إذا جاز أن تخصصوا بذلك زمانا دون زمان، فما أنكرتم أن يكون إنما يستحقها بعد عثمان؟