مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢١ - الصفحة ٤٣٣
وبعد:
فقد اختص هذا الخبر بما لم يشركه فيه سائر الأخبار، فمن ذلك أن الشيعة نقلته وتواترت به، وقد نقله أيضا أصحاب السير نقل المتواترين به يحمله خلف منهم عن سلف، وضمنه جميعهم الكتب بغير إسناد معين، كما فعلوا في إيراد الوقائع الظاهرة والحوادث الكائنة، التي لا يحتاج في العلم بها إلى سماع الأسانيد المتصلة.
ألا ترى إلى وقعة بدر وحنين وحرب الجمل وصفين، كيف لا يفتقر في العلم بصحة شئ من ذلك إلى سماع إسناد ولا اعتبار أسماء الرجال، لظهوره المغني، وانتشاره الكافي، ونقل الناس له قرنا بعد قرون بغير إسناد معين، حتى عمت المعرفة به، واشترك الكل في ذكره.
وقد جرى خبر يوم الغدير هذا المجرى، واختلط في الذكر والنقل بما وصفنا، فلا حجة في صحته أوضح من هذا.
ومن ذلك إنه قد ورد أيضا بالأسانيد المتصلة، ورواه أصحاب الحديثين من الخاصة والعامة من طرق في الروايات كثيرة، فقد اجتمع فيه الحالان، وحصل له السببان (3).
ومن ذلك أن كافة العلماء قد نقلوه بالقبول، وتناولوه بالتسليم، فمن شيعي يحتج به في صحة النص بالإمامة، ومن ناصبي يتأوله (4) ويجعله دليلا على فضيلة ومنزلة جليلة، ولم ير للمخالفين قولا مجردا في إبطاله، ولا وجدناهم قبل تأويله قد قدموا كلاما في دفعه وإنكاره، فيكون جاريا مجرى تأويل أخباره المشبهة ورواياتها بعد الإبانة عن بطلانها وفسادها، بل ابتدأوا بتأويله ابتداء من لا يجد حيلة في دفعه، وتوفره على تخريج الوجوه له توفر من قد لزمه الإقرار به، وقد كان إنكاره أروح لهم لو قدروا عليه، وجحده أسهل عليهم لو وجدوا سبيلا إليه.

(3) في نسخة ف: البيان.
(4) في نسخة ه‍: يتناوله.
(٤٣٣)
مفاتيح البحث: معركة بدر (1)، الحج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 ... » »»
الفهرست