فأما المتواترون بالخبر فلم يوردوه إلا على كماله، ولا سطروه في كتبهم إلا بالتقرير الذي في أوله، وكذلك رواه معظم أصحاب الحديث الذاكرين الأسانيد، وإن كان منهم آحاد قد أغفلوا ذكر المقدمة، فيحتمل أن يكون ذلك تعويلا منهم على العلم بالخبر، فذكروا بعضه لأنه عندهم مشتهر، فإن أصحاب (١٤) الحديث كثيرا ما يقولون:
فلان يروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله خبر كذا، ويذكرون بعض لفظ الخبر اختصار.
وفي الجملة: فالآحاد المتفردون بنقل بعضه لا يعارض بهم المتواترين الناقلين لجميعه على كماله.
الجواب عن السؤال الثاني:
وأما الحجة على أن لفظة " مولى " تحتمل " أولى " وأنها أحد أقسامها، فليس يطالب بها أيضا منصف كان له أدنى الاطلاع في اللغة، وبعض الاختلاط بأهلها، لأن ذلك مستفيض بينهم، غير مختلف فيه عندهم، وجميعهم يطلقون القول فيمن كان أولى بشئ أنه مولاه.
وأنا أوضح لك أقسام " مولى " في اللسان لتعلمها على بيان.
إعلم أن لفظة " مولى " في اللغة تحتمل عشرة أقسام:
أولها: " الأولى "، وهو الأصل الذي ترجع إليه جميع الأقسام، قال الله تعالى:
﴿فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير﴾ (15).