مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢١ - الصفحة ٤٢٦
ثم أين الجميع من قوله صلى الله عليه وآله: " من ناصب عليا الخلافة بعدي فهو كافر " (13) وإذا كان هناك من ينفر من كلمة الحق وتعمى عليه الحقائق، فما باله بالشواهد وقد شهد حادثة الغدير عشرات الألوف من المسلمين، كما تشهد بذلك الروايات الصحيحة في بطون الكتب (14)، بل وأخرى تنقل تهنئة الصحابة لعلي عليه السلام بأسانيد صحاح لا تعارض (15).
وحقا إن هذا الأمر لا يخفى، بالرغم من أنهم لم يألوا جهدا في طمس تلك الحقائق الناصعة المشرقة - حتى وإن تباينت الأزمنة وتباعدت المسافات - ولعل من المفارقات التي تستوقف ذي العقل الفطن وقائع مشهورة نقلها العام والخاص تعرضت للمسخ والتحريف في العديد من المصادر التاريخية والحديثية تختص بحديث الغدير وقضية الولاية، فعدا ما ذهبوا إليه من تفسيرهم لآية الولاية والتبليغ وغيرها كما يشتهون - وجدت إن بعض المصادر التاريخية عند سردها لوقائع معينة أسقطت ما لا يوافق هواها وأثبتت ما يوافقه، مثل مناشدته عليه السلام لجماعة الشورى بعد إصابة عمر بن الخطاب حيث أسقطت عبارة " فأنشدكم با لله هل فيكم أحد قال له رسول الله: من كنت مولاه فعلي مولاه..... ليبلغ الشاهد الغائب، غيري؟ " (16).

(١٣) المناقب - للمغازلي -: ٤٥ / ٦٨.
(١٤) أنظر متن الرسالة المحققة وهوامشها.
(١٥) نقلت المصادر بعد سردها لحادثة الغدير قول أبي بكر وعمر بن الخطاب لعلي عليه السلام: بخ بخ لك علي، لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
أنظر: أنساب الأشراف ١: ٣١٥، ترجمة الإمام علي عليه السلام من تأريخ دمشق ٣: ٨١ / ١١٢٧، تفسير الرازي ١٢: ٥٠، وغيرها كما هو مذكور في هوامش الرسالة المحققة، ولعل السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان عند ذلك هل كانت هذه التهنئة - ومن قبل هذه الجموع الحاشدة - لأمر بسيط كما يصوره البعض ويريد أن يقنع الآخرين به؟! لست معتقدا أن يقوله من يتأمله بإمعان.
(١٦) أثبت وجود هذا النص في المناشدة جملة من المؤرخين منهم: الخوارزمي في المناقب: ٢٢٢، المغازلي في مناقب الإمام علي عليه السلام: 112 / 155، ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه لنهج البلاغة 6: 167، وبالرغم من أنهم حملوا كلمة " ولي " علي غير وجهها المراد حيث أشرنا إليها سابقا، إلا أن لهذه العبارة في هذا المجلس دلالة خاصة لا تخفي.
(٤٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 ... » »»
الفهرست