قالوا: اللهم لا، فأقر القوم به ولم ينكروه، واعترفوا بصحته ولم يجحدوه ( 11).
فإن قال قائل: فما باله لم يذكر في حال احتجاجه به تقرير رسول الله صلى الله عليه وآله للناس على أنه أولى بهم منهم بأنفسهم؟ ولم اقتصر على ما ذكر، وهو لا ينفع في الاستدلال عندكم ما لم يثبت التقرير المتقدم؟؟
وما جوابكم لمن قال: إن المقدمة لم تصح، وليس لها أصل، وتد سمعنا هذا الخبر ورد في بعض الروايات وهو عار منها، فما قولكم فيها؟؟
قيل له: إن خلو إنشاد أمير المؤمنين عليه السلام من ذكر المقدمة لا يدل على نفيها أو الشك في صحتها، لأنه قررهم من بعض الخبر على ما يقتضي الإقرار، بجميعه، اختصارا في كلامه، وغنى بمعرفتهم بالحال عن إيراده على كماله، وهذه عادة الناس فيما يقررون به.
وقد قررهم عليه السلام في ذلك المقام بخبر الطائر (12) فقال: " أفيكم رجل قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم أبعث إلي بأحب خلقك إليك يأكل معي، غيري؟ " ولم يذكر هذا الطائر.
وكذلك لما قررهم بقول النبي عليه السلام فيه يوم ندبه لفتح خيبر وذكر لهم بعض الكلام دون جميعه اتكالا منه على ظهوره بينهم واشتهاره (13).