لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ٤٧
كالغريق الذي يتشبث بكل حشيش، فتارة قالوا: إن محمدا (صلى الله عليه وآله) تعلم القرآن من بشر، فرد الله عز وجل عليهم بقوله: " ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي (1) وهذا لسان عربي مبين " (2) يعني أن لغة البشر الذي ينسبون إليه التعليم ويميلون القول إليه أعجمية غير فصيحه، (3) وهذا القرآن قد نزل بلسان عربي مبين، وإذا كان فصحاء العرب وبلغائهم عاجزين عن الإتيان بمثل القرآن، مع أنه بلسانهم ولغتهم وهم في غاية الفصاحة والبلاغة، فكيف يمكن للأعجمي الغير الفصيح أن يأتي بمثله حتى يتعلم منه.
وأخرى قالوا: لو نشاء لقلنا مثل هذا، كما ورد في القرآن الكريم: " وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين " (4) وهو ادعاء مع العجز، إذ لو كان الإتيان بمثله في قدرتهم وتحت سلطتهم وإرادتهم لأتوا به مع
____________________
1 - عجم عجمة: وجد في لسانه لكنة وعدم فصاحة فهو أعجم، والأعجم: من لا يفصح ولا يبين كلامه وإن كان من العرب، و- من ليس بعربي وإن أفصح بالعجمية، مع أعجمون وأعاجم، ثم ينسب إليه، فيقال: لسان أعجمي، وكتاب أعجمي، ورجل أعجمي، فتنسبه إلى نفسه للمبالغة. " أقرب الموارد ".
2 - سورة النحل، آية 103.
3 - اختلف في هذا البشر الذي نسب الكفار إليه تعليم النبي صلى الله عليه وآله قال الطبرسي: قال ابن عباس قالت قريش: إنما يعلمه بلعام، وكان قينا بمكة روميا نصرانيا، وقال الضحاك: أراد به سلمان الفارسي رضي الله عنه، قالوا: إنه يتعلم القصص منه، وقال مجاهد، وقتادة: أرادوا به عبدا لبني الحضرمي يقال له: يعيش أو عائش صاحب كتاب أسلم وحسن إسلامه، وقال عبد الله بن مسلم: كان غلامان في الجاهلية نصرانيان من أهل عين التمر، اسم أحدهما يسار، واسم الآخر خير، كانا صيقلين يقرآن كتابا لهما بلسانهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله ربما مر بهما واستمع لقراءتهما، فقالوا: انما يتعلم منهما. " مجمع البيان، جزء 6، ص 386، ط صيدا ".
4 - سورة الأنفال، آية 31.
(٤٧)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»