لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ٤١
ومطاعا لكافة الأنام، وكان سائر الأوصاف المذكورة في كلامه عليه السلام مجتمعا فيه، ليس إلا خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله.
فما ذكره النصارى: من أن المراد من الفارقليط المذكور هو الروح القدس الذي نزل على الحواريين بعد عيسى عليه السلام باطل من من وجوه كثيرة لا يسع المقام ذكر جميعها فلنقتصر بإيراد بعضها، الأول أن الروح القدس على معتقدهم كان متحدا مع عيسى عليه السلام، فلو كان المراد من الفارقليط ذلك الروح، فقوله عليه السلام: فارقليط آخر، وكذا قوله: لأني إن لم أنطلق لم يأتكم الفارقليط، لا معنى له. (1) الثاني أن عيسى عليه السلام صرح بأن الفارقليط الذي يرسله الله عز وجل إليكم يكون ثابتا فيكم وباقيا معكم إلى الأبد، فعلى مدعى النصارى، من هم الذين يبقى معهم الروح القدس إلى الأبد، أهم خصوص الحواريين، فآلان أين الحواريون، حتى يكون الروح ثابتا فيهم و باقيا معهم، أم أعم منهم ومن غيرهم، فيجيبوا لنا، أن ذلك الروح بعد ذهاب الحواريين من العالم على أي واحد نزل، والآن يكون مع أي شخص، وما علامة بقائه مع ذلك الشخص، مع أن المستفاد من جملة:
ليثبت معكم إلى الأبد، ثبوت ذلك الفارقليط في العالم، وبقاؤه مع جميع أهله، ولما لم يكونوا قادرين على الجواب، فليس لهم بد إلا اختيار أحد الأمرين، إما تكذيب عيسى عليه السلام، أو تصديق نبوة
____________________
1 - وكذا لا معنى لقوله عليه السلام: لكني أقول لكم الحق إنه خير لكم أن أنطلق، فإن الروح القدس على حسب هذا الاعتقاد كان متحدا مع عيسى عليه السلام، والحواريون كانوا معه عليه السلام، فالروح المذكور كان معهم حين ما كانوا معه عليه السلام، فأي وجه في خيرية ذهابه من بينهم لو كان المراد من الفارقليط الذي علق مجيئه بذهابه عليه السلام ذلك الروح.
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»