محمد صلى الله عليه وآله، والاذعان بأنه هو الفارقليط الذي أخبر عيسى عليه السلام بمجيئه بعده، حيث إنه صلى الله عليه وآله كان صاحب شرع أبدي، وله أوصياء قائمون مقامه بعد ارتحاله صلى الله عليه وآله واحدا بعد واحد، والآن يكون وصيه الثاني عشر حيا موجودا في العالم، وباقيا مع أهله إلى ما شاء الله ولما كان هؤلاء الأوصياء خلفاء له صلى الله عليه وآله، فهم بموجب خلافتهم عنه كانوا بمنزلة نفسه الشريفة، فبقاء واحد منهم عليهم السلام بقاؤه صلى الله عليه وآله.
الثالث أن عيسى عليه السلام قال: وهو (أي الفارقليط) يشهد لي، وأنتم تشهدون، لأنكم معي من الابتداء، فعلى ما ذهب إليه النصارى، يلزم كذب قول عيسى عليه السلام وإخباره بشهادة الفارقليط له، لأن الروح النازل على الحواريين لم يشهد عند أحد بطهارة عيسى عليه السلام و نبوته، إذا الحواريون الذين كانوا مدركين لما يقوله ذلك الروح لم يكونوا محتاجين إلى شهادته، لكونهم معتقدين بنبوة عيسى عليه السلام ويعرفونه حق معرفته، كما هو مدلول قوله عليه السلام: لأنكم معي من الابتداء، وغيرهم من الذين أنكروا نبوة عيسى عليه السلام وإن كانوا محتاجين إلى الشهادة، لكنهم لم يكونوا متمكنين من سماع شهادة الروح، لأن سماعهم منه متوقف على نزوله عليهم، وظهوره لديهم، والمفروض عدم نزوله على غير الحواريين، وأما لو كان المراد من الفارقليط نبينا محمد صلى الله عليه وآله، فصدق ما أخبر به عيسى عليه السلام من شهادة الفارقليط له ظاهر، حيث إنه صلى الله عليه وآله عظم عيسى عليه السلام و مجده، وشهد بنبوته عند منكريه، وبرأه من ادعاء الألوهية الذي هو من أعظم أنواع الكفر والضلالة، وقدس أمه مريم البتول عليها السلام عما نسب إليها مما يكون منافيا لعصمتها ومجدها. الرابع أن عبارة