لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ٤٨
تلك التقريعات الشديدة التي منها قوله عز وجل: ولن تفعلوا، فما فعلوا وما قدروا، مع أنهم شاؤوا أن يفعلوا. وثالثة قالوا كما في القرآن: " لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون " (1) أي عارضوه باللغو والباطل عند قراءته (صلى الله عليه وآله) القرآن، حتى لا يسمع الآخرون كلامه، وهل يتوسل باللغو والباطل في مقام المعارضة والاحتجاج إلا العاجز. ورابعة قالوا: إنه سحر، وغير ذلك من الأقوال الفاسدة الكاسدة، كقولهم في حقه صلى الله عليه وآله: إنه كاهن، أو مجنون، أو شاعر، التي قد أقر شيوخهم ورؤسائهم في هذه الصناعة ببطلانها واعترف المتقدم منهم والمتأخر بأن كلام محمد صلى الله عليه وآله (أي القرآن) ما هو من كلام الإنس والجن، أوليس من جنس كلام البشر.
فقد ورد: أن الوليد بن المغيرة - وهو المقدم في قريش فصاحة، وكان يقال له ريحانة قريش، ويقال له الوحيد، أي في الشرف والسؤدد والجاه والرئاسة (2) - اجتمع إليه نفر من قريش، وكان ذا سن فيهم، وقد حضر الموسم فقال لهم: يا معشر قريش، إنه قد حضر الموسم، وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فأجمعوا فيه رأيا واحدا، ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا، ويرد قولكم بعضه بعضا، قالوا:
فأنت يا أبا عبد شمس فقل وأقم لنا رأيا نقول به، قال: بل أنتم فقولوا أسمع قالوا نقول: كاهن، قال: لا والله ما هو بكاهن، لقد رأينا الكهان فما هو بزمزة
____________________
1 - سورة فصلت، آية 26.
2 - السيرة الحلبية، جزء 1، ص 356، ط مصر. - والسيرة الدحلانية، المطبوعة بهامش السيرة الحلبية المذكورة، جزء 1، ص 234.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»