لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ٢٢
الثاني لا يتيسر دفعه لعدم العلم به قبل وقوعه إلا نادرا، وأما العقوبة عليه والقصاص عن فاعله بعد وقوعه، فهو وإن كان نافعا في الردع عن وقوع مثله غالبا، ومانعا عن إثارة الفتنة، وشفاء لما في صدور أقارب، المقتص له وأرحامه من الحسرة والغيظ، ودافعا للشماتة ونحوها، لكن الضرر الوارد من وقوعه لا ينجبر بذلك، إذا كان المقتص له شخصا عظيما ينتفع منه خلق كثير، ولا يتدارك بالقصاص عن فاعله، المنافع التي كانت مترتبة على وجود ذلك الشخص، فلا يؤثر في المنع والردع من وقوعه إلا رادع باطني وعلم يقيني بعالم المجازات وعقاب السيئات، فيحتاج في حصول ذلك العلم واليقين إلى عالم منزه متبع مقبول القول عند جميع الخلق، يعلمهم الأخلاق الفاضلة، ويردعهم عن الرذائل، و يخبرهم عن عالم الجزاء والقيامتين الصغرى والكبرى، وأن من يعمل مثقال ذرة من خير أو شر، يره بصورة مفرحة حسنة، أو بصورة مدهشة قبيحة، وينبههم عن كل ما أعد للمحسنين والمسيئين، ويقنن قوانين محكمة يعمل بها ذلك السلطان العادل ويجريها بين الناس، ولما كان ذلك العالم مبعوثا لتكميلهم فلا بد أن يكون أفضل، وكذا لا بد أن يكون معصوما عن ارتكاب القبائح والفواحش، وعن الخطأ، والغفلة، والسهو، والنسيان، إذ لو لم يكن كذلك لا يأتمرون بأمره، ولا ينتهون بنهيه، ولا يثقون بأخباره، وقد قيل:
وغير تقي يأمر الناس بالتقى * طبيب يداوى الناس وهو عليل وعليه أن يعظم ذلك السلطان العادل في أنظار الناس، ليتمكن من نظم مملكته، وحفظ الأمنية والأمان لأهلها ورعاياه، كما كانت سيرة الأنبياء مع الملوك الذين كانوا في أزمنتهم، وقد ورد في الخبر " أن
(٢٢)
مفاتيح البحث: النسيان (1)، الضرر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»