لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ٢٦
يحضروا معهم، حتى يدفعوا إليهم محمدا صلى الله عليه وآله فيقتلونه، وأنهم يد واحدة على محمد صلى الله عليه وآله يقتلونه غيلة أو صراحا، فالتجأ بنو هاشم إلى الذهاب في شعب أبي طالب رضي الله عنه، (1) وكان من دخل مكة من العرب لا يجترئ أن يبيع من بني هاشم شيئا، ومن باع منهم شيئا انتهبوا ماله، ومن رأوه معه طعاما نهوه أن يبيع منهم شيئا فلم يزل هذا حالهم، وبقوا في الشعب ثلاث سنين، وفي بعض الأخبار أربع سنين، لا يأمنون إلا من موسم إلى موسم، ولا يشترون ولا يبيعون إلا في الموسم، وكان يقوم بمكة موسمان في كل سنة، موسم العمرة في رجب، وموسم الحج في ذي الحجة، فكان إذا اجتمع الناس في المواسم تخرج بنو هاشم من الشعب، فيشترون ويبيعون، ثم لا يجترئ أحد منهم أن يخرج، إلى الموسم الثاني، وأصابهم الجهد والمشقة، وجاعوا ورسول الله صلى الله عليه وآله مع ذلك لم يكف عن دعوته، ولم يقصر عنها، فيخرج في كل موسم من الشعب، فيدور على قبائل العرب، فيقول لهم: " تمنعون جانبي حتى أتلو عليكم كتاب ربكم، وثوابكم الجنة على الله " وأبو لهب في أثره فيقول: لا تقبلوا منه، فإنه ابن أخي، وهو كذاب ساحر.
وفي بعض هذه المواسم جاء رهط من المدينة، فعرض نفسه الشريفة عليهم، وتلا عليهم بعض آيات القرآن، فآمنوا به صلى الله عليه وآله، ثم في المرة الثانية جاء رهط آخر من المدينة، فدعاهم إلى الإسلام، فآمنوا به، وبايعوه على نصرته بما تمكنوا منه، وبعد رجوعهم إلى المدينة انتشر الإسلام فيها، ثم أمر صلى الله عليه وآله أصحابه من المهاجرين من قومه ومن
____________________
1 - الشعب بالكسر: الطريق في الجبل، ومسيل الماء في بطن أرض، وقيل ما انفرج بين الجبلين، ومنه ذهبوا في شعاب مكة، و" أقرب الموارد ". وعلى كل فهو مكان حصره أبو طالب رضي الله عنه لحفظ النبي صلى الله عليه وآله وحراسته بعد ورود بني هاشم فيه.
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»