لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ٢٣
إبراهيم الخليل عليه السلام يسير ويمشي بجميع ما معه، وسلطان عصره - غير النمرود - كان معه، ويمشي خلفه إعظاما لإبراهيم عليه السلام، فأوحى الله عز وجل إليه عليه السلام، أن لا تمش قدامه ويمشي هو خلفك، بل اجعله أمامك وامش خلفه، وعظمه فتأخر عليه السلام عنه، ومشى خلفه كما أوحى إليه عليه السلام " (1) وعلى ذلك الملك أيضا أن يفخم ذلك العالم ويعظم قدره بما أمكنه، فذلك العالم قوة علامة للعالم، وذاك السلطان قوة مجرية عمالة، فعلى كل واحد مني يؤيد الآخر ويعاضده ويقويه، لينتظم أمر العالم، وإذا لم يكونا كذلك، فالويل والثبور لأهله، والحاصل:
أنه لا بد في انتظام أمر العالم، وحصول المدينة الفاضلة، وقيام الخلق بوظائفهم، من وجود قوتين، قوة مقننة، وقوة مجرية كما ذكرنا، وهاتان القوتان إما تكونا قائمتين بشخص واحد، كما في بعض الأنبياء القائمين بالسيف، ومن جملتهم نبينا محمد صلى الله عليه وآله، وإما بشخصين كما في سائر الأنبياء مع سلاطين زمانهم.
ثم إنه لما كانت الصفات التي ذكرناها لذلك العالم، من الأمور الخفية التي لا علم لأحد بها إلا من قبل الله تعالى، فلا بد في معرفته، والاعتقاد بنبوته، إما من ظهور المعجزة على يده مقارنا لدعواه، أو أخبار الأنبياء السابقين عليه، بظهوره ونبوته، وبالجملة: لا بد من قيام الدليل القطعي الذي يوجب الجزم واليقين على صدقه ونبوته. ولا بد أيضا من وجود ذلك العالم في كل عصر وقرن، إذ لو لم يكن في زمان، لبقي العالم بلا مصلحة وفائدة، (2) ويعود محذور الهرج والمرج، (3) وكما
____________________
1 - روضة الكافي للكليني قدس سره ص 372 ط طهران سنة 1377 ه‍ 2 - كما هو مقتضى الدليل الأول.
3 - كما هو مقتضى الدليل الثاني.
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»