شرح القصيدة الرائية ، تتمة التترية - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ١٧٥
بعض أصحابنا من أهل العلم من بني جذيمة قال: لما أمرنا خالد أن نضع السلاح قال رجل منا يقال له جحدم (كما جاء في الإصابة ج 1 ص 227 وجذيم ابن الحارث في ج 1 ص 218 والصحيح هو الأول).
ويلكم يا بني جذيمة إنه خالد، والله ما بعد وضع السلاح إلا الأسار وما بعد الأسار إلا ضرب الأعناق. والله لا أضع سلاحي أبدا. قال: فأخذوه رجال من قومه فقالوا: يا جحدم تريد أن تسفك دمائنا. إن الناس قد أسلموا ووضعوا السلاح، ووضعت الحرب، وأمن الناس، فلم يزالوا به حتى نزعوا سلاحه، ووضع القوم السلاح لقول خالد، فلما وضعوا السلاح أمر بهم خالد عند ذلك فكتفوا، ثم عرضهم على السيف، فقتل من قتل منهم، فلما انتهى الخبر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رفع يديه إلى السماء ثم قال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد.
قال ابن هشام: قال ابن إسحاق: ثم دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام فقال: يا علي اخرج إلى هؤلاء القوم فانظر في أمرهم واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك، فخرج علي عليه الصلاة والسلام حتى جائهم ومعه مال قد بعث به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يفدي لهم الدماء وما أصيب لهم من الأموال حتى أنه يفدي لهم ميلغة الكلب (والميلغة خشبة تحفر ليلغ فيها الكلب) إذا لم يبق شئ من دم ولا مال إلا وأداه، فبقيت معه بقية من المال، قال لهم علي عليه الصلاة والسلام حين فرغ منهم، هل بقي لكم بقية من دم أو مال لم يؤد لكم؟ قالوا: لا. قال: فإني أعطيكم هذه البقية من هذا المال احتياطا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مما لا يعلم وما لا تعلمون، ففعل ثم رجع إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبره الخبر. فقال:
أصبت وأحسنت. قال: ثم قام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاستقبل القبلة قائما رافعا يديه حتى أنه ليرى ما تحت منكبه يقول:
اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد. ثلاث مرات. ذلك عمل خالد.
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»