شرح القصيدة الرائية ، تتمة التترية - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ١٧٧
وقال عمر لج فيه شيطانه كل هذه لم تؤثر على ما اتفقا عليه منذ اليوم الأول فهناك بينهما سر اشتركا فيه في البيت النبوي وشكلا حزبهما السري من نساء ورجال يستعينان بعائشة الرئيسة وحفصة المعينة ومن تابعهما وهناك من الرجال أبو عبيدة الجراح وعثمان والمغيرة والبغية الأولى إنما هي غصب منصب الخلافة بأي قيمة كانت وبأي وسيلة والانقلاب على البيت الهاشمي وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلم بالانقلاب هذا وقد أخبره الله بما سيجري فأوصى عليا عليه السلام بالصبر وعدم القتال مهما كلفه الأمر أمام الظالم ولم تجد تسيير المهاجرين والأنصار وفيهم أبو بكر وعمر في حملة أسامة تلك التي خلقوا لها المعاذير والمشاكل لعدم الاسراع حتى اضطر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلعن من تخلف عن سرية أسامة. وعرفوا كيف يحركون غيرهم ويؤثروا على أسامة نفسه بالتأخير وأخيرا ترقب الفرص ليلا ونهارا وقد أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأنه ميت وأن أجله قريب وهكذا وصل اليوم الموعود يوم سقيفة بني ساعدة وتم التدبير وقال أبو بكر لأبي عبيدة مد يدك لأبايعك ومن أبو عبيدة وما قدره سوى إنه حفار قبور التحق وأصبح صحابيا كان يحضر نوادي الخمر التي حضرها أبو بكر وعمر كما مر ذكرها واتفقا وتعاهدا على العمل معه وإذا بعمر يسرع ويقول لأبي بكر مد يك لأبايعك وهو يجد الخلاف بين الأوس والخزرج الذي أثارهم بالأمس فيمد يده ويأتي الأفراد المخاصمين لسعد فيبايعون والمسلمين من أنصار ومهاجرين وغيره في جيش أسامة والهاشميون في الداخل والخارج لا علم لهم ويهب عمر

(1) قال الفضل روى جرير بن عبد الحميد الضبي عن الأعمش عن خثعمة قال ذكر عند عمر بن الخطاب قتل مالك بن النويرة فقال قتله والله مسلما ولقد جادلت في ذلك ونازلت أبا بكر فيه كل المنازلة وفي قتال منع الزكاة فأبى إلا قتالهم وسبيهم فلما رأيته قد لج به شيطانه في خطاه وعزم عليه أمسكت عجزا عنه وخوفا منه ولقد ألححت عليه في ذلك يوما حتى قال لي يا بن الخطاب إنك لحرب على أهل الكفر بالله والردة على الإسلام فأمسكت عنه، وإباحة دمائهم كان أقرب على أهل الكفر.
فانظر كيف يولي الواحد الآخر وكيف يكفر الواحد الآخر وكلاهما صدق في الآخر.
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»