شرح القصيدة الرائية ، تتمة التترية - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ١٦٨
ومعاوية وغيرهم الذين ولاهم الرقاب ومنح لهم أعمالهم أمثال ما مر. وتلك شهادة أبي بكر على أعمال خالد مما يثبت أن أبا بكر كان واقفا على أعمال خالد بن الوليد المنكرة ولم يقف دون ذلك لا بعزله ولا بردعه فها نحن أمام أعمال قتل وهتك وزنا وسلب وسبي وترويع نساء وأطفال وقتل أزواجهم وآبائهم من المسلمين عمدا بعلم من الآمر والمأمور وتمادى في هذه الجرائم على مسلمين وصحابيين قربهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووثقهم أمثال مالك بن النويرة الذي كان سيد قومه ومن إرداف الأمراء. وهذا عمرو ابن عمر وأبو قتادة هم الشهود فمن هو المسؤول عن هذه الجنايات وهل يصح تولية أحدهم على رقاب المسلمين، وإذا ما راجعت رسالة معاوية لابن أبي بكر وصراحته لعلمت أكثر وأكثر بتحديه الأول على مقام الخلافة وغصبها وهو يعترف أنه ليس بخيرهم يوم قال أقيلوني فلست بخيركم ويوم قال عمر بعد أن ثبت له أعمال خالد بن الوليد المخزية وأراد حده فأبى أبو بكر فقال عمر لج فيه شيطانه. ويوم قال لقد كانت بيعة أبي بكر فلتة.
وإذا تصفحنا حياة الملوك والأمراء الغابرين والذين فتحوا البلاد ووسعوا سلطتهم بما لديهم من حول وطول. نراهم أما منتصر في حياته واستمر ذلك الانتصار لخلفائه ولخلفاء خلفائهم واستمر الزمان ولم تستولي فئة تناوئهم بالعقيدة والمبدأ. عندها ترى أن المؤرخين لم يجرؤ ذكر جرائمهم إلا ما ندر بصورة محوره على أشكال بطولات وخوارق ومثل المؤرخين الشعراء (كمديح حافظ إبراهيم لعمر في أبشع عمل عمل قام به ضد آل البيت عليهم السلام من حرق بيت فاطمة عليها السلام وترويعها وأخذ الرجل الأول بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صابرا محتسبا ليبايع من كان قد بايعه هو وصاحبه في غدير خم وهنأه بالولاية. نعم هكذا تجد كيف يشوهون الحقائق فيقول حافظ إبراهيم:
حرقت دارك لا أبقي عليك بها * إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها

(١) ١ - تاريخ ابن عساكر: ٧ / ٣١، خزانة الأدب: ٢ / 8، الإصابة لابن حجر: 2 / 209.
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»