فكون الهداية من الله تعالى بمعنى أن الله تعالى قد أعطى عبده قوة الإدراك، وجعله محفوفا ومحاطا بآيات الهداية وبراهين المعرفة، ومنع عنه تسويلات شياطين الإنس والجن، ووفقه للهداية..
ولولا ذلك لكان العبد ساقطا في حضيض الكفر والعصيان، فهو تعالى شأنه أحق بحسنات العبد من نفسه.
وأما ضلالة العبد فهي ناشئة من سوء اختياره، وأنه حتى مع تسويلات إبليس وغيره فهو غير مسلوب الاختيار، وقد أعطاه الله تعالى قدرة الإيمان والكفر، وقوة المعرفة والتمييز، وجعل آيات الهداية وبراهين التوحيد في معرض نظره ومرأى بصره، فليس ضلال العبد من ناحية الله سبحانه، وإن كان له تعالى قوة قاهرة على عباده، (ولو شاء لهدى الناس جميعا) وقهرهم على الهداية طوعا أو كرها، إلا أنه تعالى حيث سهل على العبد طريق الهداية وأعطاه أسبابها، وجعله مختارا في الاهتداء وعدمه، كان له المنة عليه، وإن أختار العبد الضلال وترك الاهتداء، كانت عليه الحجة.