ومثل ذلك مثل من أعطى فقيرا درهما ليشتري به الخبز فاشترى به سما فشربه وقتل نفسه، فليس على معطى الدرهم لوم في ذلك، بل له الفضل على الفقير حيث أعطاه الدرهم ليصرفه في مصلحة نفس لا في هلاكها.
ومنها: ما دل على نفي القوة والقدرة عن غير الله جلت عظمته، كقوله تعالى شأنه في سورة الكهف، آية - 39: (لا قوة إلا بالله).
ولا تنافي بين هذا المعنى وبين اختيار العبد وقدرته على الفعل، فإنه في قبال القدرة الربوبية عاجز محض لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، وإذا لوحظ أن الله قد أعطاه القدرة والقوة، وأن قدرته إنما هي من آثار قدرته تعالى آيات، على ثبوت القدرة للعباد كقوله يرتفع التنافي بين ثبوت القدرة للعباد ومفاد قوله تعالى (لا قوة إلا بالله). وقد دلت عد عز من قائل في الكهف، آية - 29 (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر). وفي سورة الروم، آية - 44 (ومن كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون). وفي سورة النمل، آية - 4 (ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي لغني كريم).