محمد (صلى الله عليه وآله) من أين نبدأ وفي أين ننتهي وهذا سيد البشر وخير الخلق أجمعين وخاتم النبيين محمد (صلى الله عليه وآله) ذلك الرسول الذي اتسمت حياته بالمعاناة والعذاب فهو رجل الصعاب " ورجل الفضل والعقل والكمال ومثال الحكمة والوقار والجلال عالم، حكيم، نقي، شجاع، حازم إلى غير ذلك من الصفات الإنسانية الفاضلة والكمالات الرفيعة " (1) فاحتارت به العقول وانبهرت، حتى وقف أعداءه أمام سيرته الكريمة مطأطئين الرؤس معترفين بفضله على الإنسانية جمعاء.
وإذا تصفحنا تاريخ حياته الشريفة وجدناه حافلا بالمعاناة والعذاب والآلام متقلدا بالقيم والتقاليد السامية التي يفقدها مجتمع اليوم فضلا عن مجتمعه، ففتح عينيه (صلى الله عليه وآله) يتيما فاقدا للأب وحنانه فلجأ إلى الله تعالى، إلى ربه إلى من يكفله ويعينه في حياته الصعبة، إلى مرشده في الشدائد والصعاب، فنصر الله في نفسه وبتعامله، فنصره الله، وعبد الله، فأمره على مجتمعه، فكان مثالا للنور الإلهي في ظلمات الجهل الحاكمة على تلك المجتمعات، وكان العلم الذي ينكشف به الظلام وكان صفات الله التي تتحرك على الأرض، فكان إلهي في كل حركة وسكنة حتى قيل فيه " كان رسول الله في ريعانه عالي الهمة عفيفا وفي تجارته أمينا قانعا وفي شركته أخا صادقا وفي حربه خصما معقولا شريفا وفي معاهداته نافرا من الغدر وافيا بالعهد وفي زواجه مثالا للنفس السامية والخلق الكامل وفي حكمه أمينا على الخلق ناصرا له هداما للباطل مقوضا لبنيانه " (2).
فسلام عليه يوم ولد بين ظهراني هذه الأمة، وسلام عليه يوم عذب بين أهلها، وسلام عليه يوم هاجر إلى المدينة، وسلام عليه يوم نقل عبقات الإيمان من مكة إلى العالم، وسلام عليه يوم شارك في الحروب والغزوات، وسلام عليه يوم كان في حجر علي بن أبي طالب يلفظ أنفاسه الأخيرة، وسلام عليه يوم يسقي الواردون إليه من حوض الكوثر، وسلام عليه يوم يقف شاهدا على أعمال أمته وما خلفوه، وإلى ذلك فليصبر الصابرون.
الدعوة السرية