المجتمع حينما يسيطر عليه الجهل، وتختفي منه العقول، وعندما يخفت فيه الضمير ، تبدأ فيه الفاحشة بالنمو، وتشيع الجهالات بين أبنائه، فيكون ملئ بالخرافات والأساطير التي تستحكم في العقول بحيث تصيرها ظرفا لكل شئ حقا كان أو باطلا ومجتمع كهذا يجد الفساد فيه طريقا معبدا لنخره وقتله فالجاهلية لا تبتعد كثير عن مثل هذه الأجواء.
وأخيرا يبين لنا النص الآتي طبيعة المجتمع في تلك الحقبة الزمنية حيث يقول " أن السلب والنهب والإغارة والتعصب القبلي وغير ذلك قد كان من ميزات الإنسان العربي حتى أنه إذا لم تجد القبيلة من تغير عليه من أعدائها أغارت على أصدقائها وحتى على أبناء عمها يقول القطامي:
وكن إذا أغرن على قبيل * وأعوزهن نهب حيث كانا أغرن من الضباب على حلال * وضبة أنه من حان حانا وأحيانا على بكر أخينا * إذا ما لم نجد إلا أخانا إلى أن يقول وكذلك ظروف الغزو والإغارة التي تعني سبي النساء والأطفال وقد دفعهم إلى قتل الأولاد ولا سيما البنات... " (1).
وبالإضافة إلى كل هذه العادات نضيف كلام جعفر إلى ملك الحبشة حيث قال له:
" كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونقطع الأرحام ونسبي الجوار ويأكل القوي منا الضعيف " (2).
هذه هي حالة المجتمع قبل رسالة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما هو عليه من الفساد والظلم والانحراف الجلي.
* * *