سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ١٣٨
ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون) * (1).
فبعد أن دافع عيسى عن نفسه أمام الله تعالى من شبهة عبودية المجتمع إليه، حدد القرآن سبب الانحراف من خلال هذا النص الذي ألقى المسؤولية على عاتق الرهبان والأحبار الذين سيطروا على أفكار الناس ومقدساتهم فأضلوهم ودسوا لهم الأفكار المسمومة الموروثة من الجهالات السابقة للمجتمعات التي سبقتهم.
ومن ذلك يتبين أن على الإنسان أن يكون على بينة في عمله وطاعته وتقليده.
عيسى يصدح برسالته * (ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون. إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم) * (2).
جاء عيسى (عليه السلام) ليهديهم إلى صراط مستقيم بعدما حمل معه المعجزات الكافية التي يصدق بها العقل وتخضع لها العواطف جاء إليهم ليبين لهم أسباب انحرافاتهم عن جادة الصواب فصدح بالدعوة وأطلق كلمة الأنبياء جميعا.
* (فاتقوا الله وأطيعون) * (3).
إن لهذه الكلمة مشوار طويل مع الأنبياء فجميعهم جاءوا لأجل التوحيد والعبودية لله ودعوة الناس إلى الالتفاف حول القيادة الإلهية لتبدأ الحضارة من جديد وتغلق الأوراق القديمة، ولا يتحقق هذا إلا باستجابة القوم، ولكن للأسف بدل أن يستجيبوا لعيسى راحوا يخططون لقتله والخلاص من دعوته.
* (فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون. ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين) * (4).
فآمن له ثلة قليلة لا يأمن معهم على الرسالة والرسول فحرموا من نعمة الرسول

(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»