سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ١٣٢
لهم حتى أنقذهم الله تعالى من الضلال والانحراف، فلا تكون تلك النعم وسيلة من وسائل استكبارهم فيسيئوا استغلالها وبالتالي تحمل نقمة الله عليهم فعليهم أن يشكروا كثيرا ولا يستعلوا في الأرض فيعودوا إلى الانحراف والاستعباد بعدما خرجوا منه فإن شكروا زادهم الله وإن كفروا ردهم للاستضعاف والتنكيل.
بداية الانحطاط عند بني إسرائيل * (قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري فرجع موسى إلى قومه غضبان آسفا قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا فطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي) * (1).
هؤلاء الذين متعهم الله بنعمة ظاهرة وباطنة، والذي خلصهم من بطش عدوهم فرعون، والذي أنقذهم من الذل والعار والهوان، ما أن ابتعد موسى عنهم قليلا نسوا كل ذلك ولجأوا إلى عبادة الأصنام لجأوا إلى الجهل والانحراف وأقدامهم لم تجف من البحر الذي صار لهم بإذن الله كالطريق المعبد.
فهذا التراجع عن خط الرسالة سيجرهم إلى هاوية السقوط فهو يسيطر اليوم على بني إسرائيل ونبذوا كل الوصايا والأوامر الإلهية وراء ظهورهم فها هم يعبدون العجل الذي صنعه لهم السامري فهو جسد هامد خوت عقولهم على طاعته بعد كل تلك النعم الإلهية المتتالية وهذا شأن بني إسرائيل سابقا وحاضرا فلامكان لهم إلا في الذل والهوان بحيث أثبت تاريخ البشرية أن بني إسرائيل هم أكثر الأمم لجاجا وخصاما وأشدهم عتوا وعنادا وأبعد الناس عن الانقياد للحق وقلما تجد رذيلة إلا وتجد خلفها أصابع اليهود تحركها وتدعوا إليها (2).
فتكبروا على ربهم ونبذوا قيم السماء مما يفرز حالة جديدة وهي تكبر المجتمع حتى على نفسه فيبدأ بالتمزق شيئا فشيئا ومن ثم السقوط الحضاري والانحطاط الفكري * (وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون) * (3).

(١) طه: ٨٥ - ٨٦.
(٢) قصص الأنبياء، كامل شاكر مصطفى.
(٣) البقرة: ٦١.
(١٣٢)
مفاتيح البحث: الشكر (1)، الجهل (1)، الضلال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»