سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ١٣٦
عيسى (عليه السلام) جاء لينقذ مجتمعه من الضلال والانحراف فلقد كان المجتمع يسير بحركة تراجعية إلى الخلف ويسقط في أحضان الجهل والتخلف والانحطاط الحضاري والفكري حتى وصل بهم الأمر إلى أن يعبد بعضهم بعضا وتملأ أفكارهم بعقائد فاسدة ما أنزل الله بها من سلطان، وفي خضم هذه التفاعلات أرسل الله عيسى (عليه السلام) إلى الناس لينقذهم من الضلال ويبشر برسالته العالمية الجديدة، ويحمل كتابه إلى البشرية مطورا للتوراة، ومضيقا لها في بعض البنود التي تتلائم مع المرحلة بناءا على حكمة النبوة العامة (1) وبالإضافة إلى ذلك بشر بمحمد (صلى الله عليه وآله) من بعد رسولا إلى البشرية جمعاء.
* (وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل أني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين) * (2).
وعلى عادتهم هؤلاء فلم يؤمنوا بكل ما هو سماوي، وضلوا في حركتهم التراجعية إلى الوراء دائما وأبدا، ورموه بالانحراف والسحر وعجيب أمر هذه الأمم المنحرفة وخصوصا بني إسرائيل فإنهم أصروا على الباطل وجحدوا الحق رغم كل ما رأوه من ذل وعذاب.
فقال لهم * (أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين) * (3).
إنها معجزات خارقة يصدق بها من كان له أدنى شعور أو تفكير، ولكنهم أصروا على تكذيبه وعدم التصديق به ورموه بالسحر على عادتهم المألوفة وبالتالي التآمر على قتله.
عيسى يدافع عن نفسه

(١) حركة المجتمع في التاريخ: ٢٧٥ بتصرف (٢) الصف: ٦.
(٣) الأعراف: ٤٨ - 49.
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»