سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ١٢٧
واثقون من قدرتهم وغلبتهم لموسى بهذا الكلام ولكن موسى لم يترك لهم أي حجة أو برهان أو أي وسيلة تشعرهم بأنهم همم الفائزين من دون رد مناسب لها، فرد عليهم القول * (قال بل ألقوا) * (1).
رد عليهم ليعلمهم بأنه واثق مما يقول ويتكلم، وإنه الفائز بالنتيجة وما أعددتم إلا حبال وعصي تخيلون للناس إنها أفاعي أما أنا معي ربي خالق كل شئ ومسخر بأمره كل شئ فأنا معي عزة ربي وأنتم معكم عزة فرعون وأخيرا رموا بحبالهم وعصيهم * (فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى) * (2).
عند ذلك صدرت الأوامر لموسى من ربه.
* (وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى) * (3).
عندها فلج الحق وجاءت آية الله الكبرى لتفتح فاها وتلقف ما يصنعون بسحرهم وسجد السحرة لرب موسى ووقفوا أمامه وقفت العبد لسيده بعد ذلك الزهو والاستعداد الكامل للفوز والانتصار.
هذا هو نصر الله تعالى إلى من يشاء من عبادة.
* (فألقى السحرة سجدا قالوا آمنا برب هارون وموسى) * (4).
فبعد الجولة مباشرة، وبعدما لقفت آية الله الكبرى ما صنعوا، وبعد العزة الفرعونية المتأصلة في نفوسهم، وبعد الخوف والبطش الفرعوني داخل المجتمع، بعد كل هذا سجد السحرة لرب موسى، لما شاهدوه من معجزات هم أعلم بها من غيرهم بأنه ليس سحرا ولم ينتظروا بسجودهم هذا أوامر فرعون (الذي انبت فيهم مخالب قهره وأحاط بهم بجوره) (5).
وانتهت الجولة وانتصر موسى وبدأت النواة الأولى لمجتمع الرسالة بالتكون وأخذت الحضارة الجديدة أنفاسها الأولية لتبني صرحا جديدا على أنقاض الصرح الفرعوني القائم على أساس الإرهاب والانحراف عن جادة الصواب.
فرعون والسحرة بعد المواجهة مع موسى

(١) طه: ٦٦.
(٢) طه: ٦٦.
(٣) طه: ٦٩.
(٤) طه: ٧٠.
(5) الميزان ج 16 ص 7.
(١٢٧)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)، الخوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»