سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ١٣٤
بمجئ موسى (عليه السلام) وبالفعل تحقق ذلك واعترف المجتمع بخطأه هذا.
التيه الحضاري قضت حكمة الله تعالى علي بني إسرائيل أن يدخلوا الأرض المقدسة كبداية لبناء الحضارة الجديدة، ففاتحهم موسى بذلك بعد أن ذكرهم بنعم الله عليهم * (وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين) * (1).
فهذا التذكير هو تقوية لعزائمهم وهمهم في المواجهة المستقبلية حتى قال لهم * (يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين) * (2).
فماذا كان جوابهم يا ترى؟.
* (قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون) * (3).
لم يستفيدوا من الدروس السابقة، فهم يريدون النعم بلا مقابل، وتعودوا على الفعل بلا انفعال، ونسوا بذلك كل نعم الله تعالى والانتصارات التي مدتها قوة الغيب المطلقة إليهم، وتناسوا مواقفهم السابقة، ورفضوا الصراع الحضاري مع من يناوئهم ويضدهم سوى ثلة قليلة آمنت بالرسالة شكلا ومحتوى.
* (قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) * (4).
هاذان الرجلان الظاهر من خطابهم أنهم على اطلاع بخارطة المنطقة الجغرافية، بحيث يرشدوا قومهم إلى باب خاص يكون فاتحا للنصر، ويحقق الهدف المطلوب ولكن للأسف أصر القوم على عدم الدخول وعدم المواجهة * (قالوا يا موسى لن ندخلها أبدا ما داموا فيها) * (5).
ومن هذا نستكشف الصفات الجبانة الكامنة في نفوس بني إسرائيل يتوارثونها جيلا

(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»