سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ١٣١
الشجاع بحيث يبث في نفوس الجند الاطمينان والإيمان بالنصر، فالقائد الناجح يختبر في هذه المواقع فإذا تزعزع مثل جنوده صار واحدا منهم فلماذا كان قائدا لهم؟ أما إذا ربط على جأشه وسيطر على الموقف بحكمته وأسلوبه القيادي استحق موقف القيادة بجدارة.
فموسى عندما لاحظ رعيته تزعزعت وأخذت تجبن بعضها بعض انبرى للموقف ليذهب الخوف.
* (قال كلا إن معي ربي سيهدين) * (1).
فهو يعلق اعتماده على قوة غيبية مطلقة، قادرة على أن تغير المواقف الحرجة، وتعكس الظروف القائمة، فهو يقول إن الله معنا في كل المواقف وسيهدينا إلى طريق النجاة والخلاص، وسيتحقق وعده فينا بالنصر والغلبة، وما أن أتم موسى كلامه حتى جاء التأييد الإلهي * (فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم وأزلفنا ثم الآخرين وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين) * (2).
فجاء النصر الإلهي والحل الأخير وجاءت الإمدادت الغيبية التي علق عليها موسى الأمر، فأمرته أن يضرب البحر ليفتح له طريقا في وسطه، وسط الظلمات وكم لهذا الدرس من معاني بحيث يشعر المؤمنون بالله أن الغيب معهم في كل المواقف والشدائد ووسط الابتلاءات والظلمات يعبد لهم طريق الحضارة.
وأخيرا نجى موسى ومن معه من قبضة فرعون لتبدأ مرحلة جديدة لبني إسرائيل في الحياة.
الخطاب الإلهي لبني إسرائيل * (يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطور الأيمن ونزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) * (3).
فهو تذكير لهم بالمراحل والمواقف الصعبة التي مروا بها، وبالنعم الإلهية التي منحت

(١) (٢) الشعراء: ٦٣ - ٦٧.
(٣) طه: ٨٠ - 82.
(١٣١)
مفاتيح البحث: الضرب (1)، الخوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»