سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ١٢٦
آخر لنا وهو إعداد الوسائل اللازمة للمواجهة بالتحدي وأمام الملأ لا خلف الكواليس فيعلمنا موسى (عليه السلام) درسا في المواجهة وهو أن الإنسان الرسالي لا بد أن يطمئن أولا بشكل كامل بالإمداد الإلهي الغيبي وأن يتحدى الطغاة أمام الناس من دون خوف ولا تردد حتى تكون انتصاراته معلومة ومعروفة.
لقاء موسى بالسحرة قبل المواجهة * (قال لهم موسى ويلكم لا تفترون على الله فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى) * (1).
فهو لقاء مهم بين المتحدين قبل التحدي والنزال، حتى يستطيع المؤمن بوسائله أن يزعزع الطرف الآخر، فهذا موسى يهددهم ويبين لهم مآل أعمالهم هذه ونتائجها فهي لا تجر لهم إلا الاستئصال والعذاب الأليم، فهو يبذر في قلوبهم بذرة الشك بما يعتقدون وأراد منهم أن يفكروا بعقولهم لا بعقل فرعون، وأن يبصروا بأعينهم لا بعينه، فهذه المقابلة استخدمها موسى كوسيلة لتشكيكهم بكل مقدراتهم أمام مقدرات الله تعالى ويتحداهم بربه الذي خلقه وخلقهم.
* (وتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى) * (2).
وأخذت دعوة موسى تسري في قلوبهم لولا طغيان الأنا وحب الذات والغرائز التي جذبها فرعون بوعوده، لولا ذلك كله لاستسلموا إلى موسى بكل جوارحهم بعدد ما خضعت عقولهم لدعوته بداية الجولة اجتمع الناس وجئ بالسحرة وأعدت العدة للمواجهة والسحرة ومن له قرب من موسى ينتظر العطايا والهدايا وبدأت الجولة بالحرب النفسية الكلامية فقالوا لموسى * (قالوا يا موسى إما تلقي وإما أن نكون أول من ألقى) * (3).
فهذه وسيلة من وسائل الحرب النفسية لموسى لزعزعته وتراجعه عما يريد فهم

(١) طه: ٦١.
(٢) طه: ٦٢.
(٣) طه: ٦٥.
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»