سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ١٣٠
مجتمع فرعون لما فيه من مقومات كافية للنوى والبقاء من حيث إمكانياته المادية التي بدأت بوادرها بظهور آية موسى الكبرى حتى وصلت إلى انضمام السحرة لموسى فالمجتمع شعر بأن لموسى إمكانات كافية للنمو لتكوين وبالإضافة إلى ذلك الروح الإيمانية التي تعتبر أساس الانتصارات في كل المواجهات الرسالية فالإيمان يزرع في النفوس قابلية بشتى الظروف فالإنسان عندما يؤمن بفكرة معينة تجده يبدل كل ما يتملك من أجل إيصال تلك الفكرة إلى مستواها الحقيقي المطلوب.
صراع الحضارات بدأت الحضارة الجديدة تتفاعل مع المجتمع، لكي تحكم قواعدها في نفوس الناس ، وتشيد صرحها أمامهم، ونمو الحضارات يكون في رحم الابتلاءات، فكل حضارة تكسب قوتها من قوة الابتلاء الذي مرت به، فكلما كانت الظروف صعبة التي تمر بها الحضارات كانت أقوى وأقدر على النمو والتفاعل داخل المجتمع.
فعندما انتصر موسى على فرعون بدأت دعوته تتسع بين الناس، لأن الإنتصار كان مخطط له بحيث صار على رؤوس الأشهاد وأمام الملأ، ولكن سيواجه عقبة تحاول إيقافه عن المد والمواصلة إلا وهي فرعون وأساليبه الجديدة ومرتزقته.
* (وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال سنقتل أبناءهم ونستحي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون) * (1).
فرعون ومن حوله أعدوا العدة للمواجهة، لكي تبقى حضارتهم وزهوهم في أوجه، ولكن أنى لهم هذا وموسى وأصحابه بدأوا يشيدون صرح حضارتهم، فأخذ الصراع يشتد بين الحضارتين، ففرعون وملئه يدافعون عن الماضي والقديم، وموسى وأنصاره يدافعون عن القيم الجديدة، ويحاولون بث روح الإيمان في نفوس الناس، واقتربت المعركة المصيرية من نقطة المواجهة واقترب الفريقان أحدهما من الآخر، ولم يبقى أمام موسى إلا البحر، فتزعزعت نفوس بني إسرائيل وأصابهم الرعب * (فلما تراء الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون) * (2) هنا يبرز الدور القيادي

(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»