سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ١١٩
المعنويات والعودة ثانيا إلى المجتمع بروحية جديدة وقابليات أخرى تفوق القابليات السابقة لما حصلته من الله في الدعاء والتوجه الخالص.
ثالثا * (واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي) * (1) من وسائل التبليغ الأساسية هي البيان بأسلوب واضح وبكلام بليغ مؤثر في النفوس داخل إلى القلوب ومطوعها للاستجابة، فموسى (عليه السلام) يطلب لسانا فصيحا وبيانا جزيلا حتى يؤثر في قومه ويحقق الهدف المطلوب منه ومن ذلك نستفيد عبرة أخرى من عبر الأنبياء ألا وهي تحديد مواطن الضعف والقوة في العمل والتبليغ إلى الله حتى يمكن تجاوزها وتحقيق الأهداف الرسالية المرجوة.
رابعا * (واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري) * (2) أولا: وزيرا من أهله حتى يتقوى به ويحمي ظهره ويطمئن إليه وإلا إذا كان من غير أهله لا يحترق قلبه عليه ويغدر ويخون به فهذا درسا مهما من دروس النبوة وهو أن الإنسان يجب عليه أن يسعى قدر المستطاع في أن يحشد الطاقات التي تحيط به وخصوصا من عشيرته وأهله لأنها القوة التي يرتكز عليها.
والدرس الآخر في ذلك هو الابتعاد عن الأنانية وحب الذات فكثير من العاملين يضعون أنفسهم في مواقف لا يحسدون عليها فلا يعطوا صاحب الحق حقه ولا يضعوا الرجل المناسب في المكان المناسب بل يتفردوا في المسؤوليات وكأنهم قادرين على كل شئ حتى يبينوا للآخرين مقدرتهم على القيادة وحمل الأفكار ولكن سرعان ما تظهر الأخطاء والانتكاسات ويبدأون هم بالتبرير الذي هو منطق المنهزمين والمتراجعين والفاشلين بالحياة فهذا موسى (عليه السلام) مع نبوته يطلب من ربه أن يكون له نصيرا حتى يعينه في هذه المسؤولية الضخمة وما هذا الطلب إلا إحساسا

(١) طه: ٢٧ - ٢٨.
(٢) طه: ٢٩ - 32.
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»