سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ١٢٢
أنعامكم إن في ذلك لآيات لأولي النهى) * (1).
فصدع موسى بدعوته في مجلس فرعون وأمام وزراءه وأخذ (عليه السلام) يشرح فضائل ربه على الإنسانية جمعاء فهو الذي خلق السماء والأرض وشرع فيهن أساليب وطرق العيش للبشر واستهزأ موسى بكل من لا يعبد الله بأنه ليس من أولي النهى والعقول بل هو ضال منحرف غير متبع للطريق القويم.
الهدوء الرسالي الأنبياء جميعا يتميزون عن باقي المصلحين بالدعوة الهادئة إلى الحق من دون أي تشنجات تجر المقابل إلى العناد والاستكبار فالدعوة النبوية دعوة هادئة نابعة من روح الرسالة التي تتحرك في الهدوء العام للنبوات فهو صراع ولكن ليس فيه مزاج أو تدخل للأعصاب في كل مراحله، بل هو صراع الحق مع الباطل، فإن للحق دولة وإن كانت للباطل جولة، والذي له الدولة لا بد أن يرتكز على أسس رصينة قابلة للاستقرار والبقاء، أما صاحب الجولة يتعامل بتشنج الموقف ومزاج المواجهة وبأعصاب القبلية الساذجة، فجاء موسى بالهدوء والكلام الذي لا عصبية فيه، ولا مدخلية لطبيعة الإنسان في المواجهة به بل هو كلام إلهي أرسل به موسى لتحقيق الغرض، وما موسى إلا رسول أما الرسالة فيستمدها من الله تعالى بل حتى أساليب المواجهة يعلمه الله إياها * (فقولا له قولا لينا) *، حتى الأسلوب مستمد من الله تعالى في المواجهة بين الطغاة والأنبياء.
" وسائل فرعون في المقابلة "

(١) طه: ٥٣ - 54.
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»