ولم يكن من اليسير أن يتم هذا التحول الكبير في أفكار الناس وعلاقاتهم، في هذه الفترة القصيرة من عمر الرسالة، لولا الدور التغييري الكبير الذي اضطلعت به العقيدة الإسلامية.
ثالثا: الحث على التعاون والتعارف نقلت العقيدة أفراد المجتمع من حالة التنافس والصراع إلى حالة التعارف والتعاون.
والقرآن مصدر العقيدة الأول، يحث الناس على الاجتماع والتعارف، يقول تعالى: * (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم...) * (1).
كما حث الناس على التعاون: * (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان..) * (2).
وقد أثبتت تجارب البشرية أن في التعاون قوة، وأنه يؤدي إلى التقدم، وكان المجتمع الجاهلي متخلفا، يعيش حالة الصراع بدافع العصبية القبلية، أو طغيان الأهواء والمصالح الشخصية، أو بسبب احتكار البعض لمصادر الكلأ والماء، فانتقل ذلك المجتمع - بفضل الإسلام - إلى مدار جديد بعد أن تكرست فيه قيم التعاون والتكافل الاجتماعي.
وفي سيرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) - الذي كان مصدرا لحضارة، وباعثا لنهضة - نجد شواهد عديدة على حبه للتعاون والتكافل وحثه المتواصل عليهما، منها: -