الابتعاد عن الناس آنا ما، بغية الانقطاع إلى الله تعالى.
وهذا الأمر - بطبيعة الحال - لا ينطبق على جميع العبادات، فالحج الذي هو عبادة ذات صبغة اجتماعية، يجتمع خلاله الناس من كل حدب وصوب في مكان واحد، وزمان محدد، لأداء شعائر واحدة.
من جانب آخر يمكن حمل العزلة على تجنب مخالطة الأشرار، فقد ورد في وصية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لأبي ذر الغفاري (رضي الله عنه): (... يا أبا ذر، الجليس الصالح خير من الوحدة، والوحدة خير من جليس السوء..) (1).
أما الاختلاط بالأخيار، فهو أمر مرغوب فيه، والإسلام - كما أسلفنا - يحث عليه، وعلى العموم فهناك حالات استثنائية تستدعي العزلة عن الناس، أما القاعدة العامة في الإسلام، فتؤكد على مخالطة الناس، والصبر على أذاهم.
يقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم) (2).
والإسلام يبغض العزلة التامة عن الناس مهما كانت مبرراتها، عبادية أو غيرها، فلا رهبانية في الإسلام كما هو معروف، ومن الشواهد النقلية على ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد رجلا، فسأل عنه فجاء، فقال: يا رسول الله إني أردت أن آتي هذا الجبل فأخلو فيه فأتعبد، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
(لصبر أحدكم ساعة على ما يكره في بعض مواطن الإسلام خير من