فالشح الكامن في نفوس البعض كان السبب الأساس في أول وأعظم انحراف شهدته المسيرة الإسلامية بعد ساعات قليلة من رحيل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم). لذلك كان أئمة أهل البيت (عليهم السلام) مع عصمتهم المحققة، يلجؤون إلى الله تعالى بالدعاء لكي يقيهم هذا المرض النفسي الخطير، فعن الفضل بن أبي قرة قال: رأيت أبا عبد الله (عليه السلام) يطوف من أول الليل إلى الصباح وهو يقول: (اللهم قني شح نفسي، فقلت: جعلت فداك ما سمعتك تدعو بغير هذا الدعاء؟ قال (عليه السلام): وأي شئ أشد من شح النفس، إن الله يقول: * (ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) *) (1).
رابعا: السيطرة على النفس منهج العقيدة في تربية النفس، أنها تدعو إلى عدم كبت رغباتها لأن الكبت يقتل حيويتها، ويبدد طاقتها، فلا تعمل ولا تنتج، وفي الوقت ذاته لا تشجع العقيدة على إطلاق رغباتها بلا ضوابط، بل تحث على اتباع سياسة حكيمة معها، يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): (سياسة النفس أفضل سياسة) (2).
وعملية السيطرة على النفس تتحقق من خلال ضبط رغباتها وتوجيه نزواتها نحو الاعتدال، وتتحقق أيضا من خلال محاسبتها، قال الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام): (ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم، فإن عمل حسنة استزاد الله تعالى، وإن عمل سيئة استغفر الله تعالى منها وتاب إليه) (3).