وفوق ذلك حاولت العقيدة - وهي تريد بناء الإنسان وتكامله - أن تثير لديه شعورا عميقا بالجانب الإيجابي من وجوده.
الخطيئة أمر طارئ من ناحية أخرى فإن العقيدة الإسلامية تعتبر الخطيئة أمرا طارئا على الإنسان، وليس ذاتيا أصيلا، وعليه فحين يسقط الإنسان في مهاوي الخطيئة، فإنه لا يتحول إلى شيطان تمنعه شيطنته من العودة إلى رحاب الإنسانية، بل يبقى إنسانا مخطئا يمكن أن يسعى إلى تصحيح خطئه، والنهوض من كبوته.
وهذا هو سر عظمة النظرة الإسلامية إلى الإنسان، فهي لا تجعله تحت رحمة الشعور بخطيئة أصيلة مفروضة عليه، كما تفعل النصرانية، بل هي تسعى إلى انتشال الإنسان من وحل الخطيئة، وإشعاره بقدرته على الارتقاء، وتذكيره الدائم بعفو الله ورحمته الواسعة، وعدم اليأس منها.
ولا يوجد في الإسلام " كرسي للاعتراف " كما هو الحال في النصرانية، بل يسعى أئمة الدين وعلماؤه إلى ستر عيوب الناس وذنوبهم مهما أمكن ذلك، لأن الله تعالى يحب الستر.
عن الأصبغ بن نباتة قال: أتى رجل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: يا أمير المؤمنين، إني زنيت فطهرني، فأعرض أمير المؤمنين (عليه السلام) بوجهه عنه، ثم قال له: (اجلس، فأقبل علي (عليه السلام) على القوم، فقال: أيعجز أحدكم إذا قارف هذه السيئة أن يستر على نفسه كما ستر الله عليه؟!..) (1).