وبين الغني والفقير، وبين الحاكم والمحكوم، ويكفينا الاستشهاد على ذلك، أن الإمام علي (عليه السلام)، لما لقيه الدهاقون - في الأنبار عند مسيره إلى الشام - فترجلوا له، واشتدوا بين يديه، قال (عليه السلام): (ما هذا الذي صنعتموه؟
فقالوا: خلق منا نعظم به أمراءنا، فقال (عليه السلام): والله ما ينتفع بهذا أمراؤكم!
وإنكم لتشقون على أنفسكم في دنياكم، وتشقون به في آخرتكم، وما أخسر المشقة وراءها العقاب، وأربح الدعة معها الأمان من النار) (1).
وله (عليه السلام) توصيات قيمة تسهم في بناء الإنسان، وتغرس في سلوكه العادات الحسنة، منها قوله (عليه السلام): (أيها الناس، تولوا من أنفسكم تأديبها، واعدلوا بها عن ضراوة عاداتها) (2).
كل ذلك من أجل إجراء التغيير الاجتماعي المنشود، ولا يخفى بأن البناء الاجتماعي بدون إجراء التغيير الداخلي في نفوس وعادات الأفراد، يصبح عبثيا كالبناء بدون قاعدة قال تعالى: * (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) * (3).
يقول العلامة السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قدس سره): " إن الدافع الذاتي هو مثار المشكلة الاجتماعية، وأن هذا الدافع أصيل في الإنسان، لأنه ينبع من حبه لذاته، وهنا يجئ دور الدين، بوضع الحل الوحيد للمشكلة، فالحل يتوقف على التوفيق بين الدوافع الذاتية والمصالح الاجتماعية العامة " (4).