وقد حدد الإمام الصادق (عليه السلام) بدقة الملامح العبادية والاجتماعية للشيعة، عندما خاطب أحد أصحابه بقوله: (يا جابر، أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت، فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، ما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخشع والأمانة وكثرة ذكر الله، والصوم والصلاة، والبر بالوالدين، والتعهد للخيرات من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكف الألسن عن الناس إلا من خير...) (1).
وعن محمد بن عجلان، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فدخل رجل فسلم، فسأله (عليه السلام): (كيف من خلفت من إخوانك؟ قال: فأحسن الثناء وزكى وأطرى، فقال له: كيف عيادة أغنيائهم على فقرائهم؟ فقال: قليلة، قال (عليه السلام): وكيف مشاهدة أغنيائهم لفقرائهم؟ قال: قليلة، قال: فكيف صلة أغنيائهم لفقرائهم في ذات أيديهم؟ فقال: إنك لتذكر أخلاقا قل ما هي فيمن عندنا، قال: فقال (عليه السلام): فكيف تزعم هؤلاء أنهم شيعة؟!) (2).
وهكذا نجد أن مسألة التعاون والتضامن، تتصدر سلم الأولوية في اهتمامات الأئمة (عليهم السلام) الاجتماعية، لكونها الضمان الوحيد والطريق الأمثل لإقامة بناء اجتماعي متماسك تغيب فيه عوامل الصراع والتناحر، وتسود فيه عوامل الود والألفة.
والذي يثير الدهشة ويبعث على الاعجاب أن المجتمع العربي الجاهلي الذي كان ممزقا، ولا تقيم له الأمم وزنا، غدا بفضل الرسالة الإسلامية موحدا، مهاب الجانب، ذا عزة ومنعة، يقول الإمام علي (عليه السلام):