عاصيا للجماعة وخارجا على الامام ولا شك ان الأكثرية منهم بايعوا على هذا الوجه.
ولو صح ذلك فيهم فلا تصح في كل من حضر المدينة بل كان كل فرد أو جماعة يواجه امرا حاضرا وبيعة مشهودة لا يقوى على مخالفتها ولم تكن في قبالها بيعة أخرى أو منازع شاهر نفسه يدعو إلى البيعة لتصدق المنافسة. ولو صح ذلك فيمن حضر المدينة فلا يصح في سائر المسلمين المتواجدين في أطراف البلاد الاسلامية من جزيرة العرب إلى البحرين.
واختصاص الرأي بالمهاجرين والأنصار وأهل الحل والعقد ليس من الشورى في شئ.
ولو فرض - جدلا - صدق الشورى على بيعة أبى بكر فلا وجه لتسمية بيعة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب شورى إذ لم تكن خلافته الا بنصب من أبي بكر وبايعه الناس طوعا وكرها واما الشورى التي صنعها عمر فلا تستحق ان تسمى شورى بالمعنى الذي يرومه أصحاب الديموقراطية ولا تشبهها بوجه فإنه عين بنفسه ستة اشخاص لم ينتخبهم أحد من الناس وهم علي وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وأمر أن يتشاوروا فيما بينهم ويعينوا أحدهم قائدا للمسلمين وأمر محمد بن مسلمة ان يكون بجيشه على الباب فان مضت ثلاثة أيام ولم يصلوا إلى رأي يقتلهم بأسرهم وحيث كانوا ستة وكان يخشى ان ينقسموا نصفين فلا تكون أكثرية في جانب أعلن أن الكفة التي تحتوي على عبد الرحمن بن عوف هي الراجحة. وكان من الواضح لدى الساسة ذلك اليوم ان الشورى لا تتمخض إلا عن خلافة عثمان أو عبد الرحمن بن عوف ولذلك كانوا يشيرون على علي عليه السلام بترك الدخول فيه. ولسنا الآن بصدد تقييم هذه الشورى والسياسة التي دبرها عمر لئلا يحظى علي عليه السلام بالخلافة فهذا له موضع بحث آخر ولكن المقصود التنويه على أن هذه الشورى لا تشبه بوجه من الوجوه حرية الرأي المعبر عنها بالديمقراطية.
فليت شعري متى كانت الأمة الاسلامية بعد الرسول صلى الله عليه وآله تؤمن بنظام الشورى وتتخذه وسيلة لتعيين قائدها؟ وفي أي خلافة كانت هي المستند؟ ومتى برزت فظهرت على ساحة التاريخ الاسلامي؟
الشورى عند أهل البيت عليهم السلام واما أهل البيت ودفاعهم عن الشورى فلم نسمع به من باحث في التاريخ وسنأتي على كل ما جاء به الكاتب من شواهد على ذلك مما اثر عنهم عليهم السلام.
وقبل ذلك ينبغي ان نذكر أن أهل البيت لو كانوا مدافعين عن الشورى فما بال علي أمير المؤمنين