دفع أباطيل الكاتب - السيد المرتضى المهري - الصفحة ١٢
في نواحي الصحفة، ثم قال: خذوا بسم الله، فأكل القوم حتى ما لهم بشئ حاجة، وما أرى إلا موضع أيديهم، وأيم الله الذي نفس علي بيده، ان كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم، ثم قال: اسق القوم، فجئتهم بذلك العس، فشربوا منه حتى رووا منه جميعا، وأيم الله إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله.
فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتكلم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال: لقد سحركم صاحبكم، فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما كان الغد قال: يا علي، ان هذا الرجل سبقني إلى ما قد سمعت من القول، فتفرق القوم قبل أن أكلمهم، فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت، ثم اجمعهم إلي.
قال: ففعلت ثم جمعتهم، ثم دعاني بالطعام فقربته لهم، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا حتى ما لهم بشئ حاجة، ثم قال: أسقهم، فجئتهم بذلك العس، فشربوا حتى رووا منه جميعا، ثم تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا بني عبد المطلب، اني والله ما اعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟
قال: فأحجم القوم عنها جميعا، وقلت - واني لأحدثهم سنا وأرمصهم عينا وأعظمهم بطنا وأحمشهم ساقا -: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه - قالها ثلاثا -.
قال: فأخذ برقبتي ثم قال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا.
قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع (1).
وقد صرح الرسول صلى الله عليه وآله في هذا الحديث بأنه خليفته فيهم وما يقال من انه خليفته في عشيرته كلام غريب إذ ليس للرسول خليفتان خليفة في أمته وخليفة في عشيرته وما هو موضعه من عشيرته؟ هل كان رئيس العشيرة آنذاك فيستخلف أحدا رئيسا بعده؟! انما كان رسولا مبعوثا إلى عشيرته وغيرهم.
واما سند الحديث فصحيح معتبر كما اعترف به الشيخ سليم البشري على ما في المراجعات المراجعة 23. بالنسبة إلى ما ورد في مسند أحمد وقد ورد هذا الحديث في كثير من المجامع الحديثية وجمعت مصادره في التعليق على المراجعات (2).

(١) تاريخ الطبري ٢: ٣١٩ - ٣٢١.
(٢) راجع تعليق حسين الراضي على المراجعات التعليق ٤٥٩ و ٤٦٠، وانظر كذلك: الكامل في التاريخ لابن الأثير ٢: ٢٢، السيرة النبوية للحلبي الشافعي ١: ٣١١ - ٣١٢، كنز العمال للمتقي الحنفي ٦: ٣٩٧، مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري الشافعي ٣: ١٣٣، الدر المنثور للسيوطي الشافعي ٥: ٩٧، مسند أحمد بن حنبل ١: ١١١، البداية والنهاية لابن كثير 3: 39، تاريخ أبو الفداء 1: 119، شواهد التنزيل للحسكاني 1: 485 ح 514 و 580، ترجمة الإمام علي ابن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي 1:
97 - 105 ح 133 - 140، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي 13: 210 و 244.
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»