دفع أباطيل الكاتب - السيد المرتضى المهري - الصفحة ٨
صلى الله عليه وآله الذي لا يرتاب فيه مسلم ولكنه يراوغ فيحاول دس هذا السم الناقع في ضمن مسألة أخرى ربما يحلو لكثير من المسلمين قبولها وبذلك يكون قد نجح في اضعاف ايمانهم بأصل الرسالة وعمودها وهو الطاعة المطلقة للرسول الكريم صلى الله عليه وآله.
نظام الشورى بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله واما الأمة الاسلامية بعد عهد الرسالة فهل آمنت بنظام الشورى واتخذته وسيلة لتعيين القائد كما يدعيه الكاتب وغيره؟. لا بد من ملاحظة عمل الأمة بعد رسولها لننظر هل آمنت بذلك عمليا كما هو المدعى؟. وقبل ذلك لا بد من تفسير الشورى.
المراد بالشورى التي تعتبر نظاما لتعيين قيادة الأمة والتي هي أساس الديموقراطية الحاضرة هو الاخذ برأي الأكثرية من جميع افراد الأمة ولنفرض اختصاص الحكم بالرجال حسب الطقوس الاجتماعية الحاكمة في تلك العهود والحضارات. فهل تحقق امر كهذا في تعيين أحد الخلفاء بعد الرسول صلى الله عليه وآله؟!
ربما يدعى ذلك بالنسبة لخلافة أبي بكر ولكن التاريخ يقول لنا ان بيعته لم تكن بأخذ الآراء وجمعها والروايات على اختلافها وتكاذبها تكاد تتفق على أن الأنصار اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة ليؤمروا عليهم سعد بن عبادة بزعم انهم اهل يثرب الأصليين فلهم الامارة وعلم بذلك أبو بكر وعمر وأبو عبيدة فحضروا هناك ونافسوهم الامر وساعدهم الحظ وضغائن الأوس والخزرج العريقة واختلافهم على سعد الخزرجي فمد أبو بكر يده ليبايع أحد الرجلين عمر وأبا عبيدة فأبى عليه عمر وبايعه ثم بايعه بعض الأنصار ثم من حضر أو احضر من المهاجرين ولا يعد هذا أخذا للآراء والشورى وقد بينا ان البيعة لا تعني اخذ الرأي وانما هو امر لا بد منه عمليا لمن يريد مزاولة القيادة أو امارة الجيش أو انشاء حركة معارضة. وقد قال عمر كلمته المشهورة ان بيعة أبا بكر فلتة وقى الله شرها (1) بل قالها أبو بكر نفسه قبل ذلك (2) - وحذر من تكراره على ما في بعض التواريخ.
ولو فرض صحة تسمية هذه البيعة بالشورى فهي مختصة بذلك الجمع من المهاجرين والأنصار مع أن أكثرهم أيضا اخذ على غرة وكان لابد لكل فرد ان يدخل فيما دخلت فيه الجماعة والا فكان يعد

(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢: ٢٣، النهاية لابن الأثير ٣: ٤٦٦، تاريخ الطبري ٣: ٢٠٥، الصواعق المحرقة: ٣٦، تاريخ الخلفاء للسيوطي: ٦٨.
(٢) السقيفة وفدك للجوهري: 70، سيرة ابن هشام 4: 335، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 6: 47، الإمامة والسياسة 1: 16، الرياض النضرة 1: 167.
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»