دفع أباطيل الكاتب - السيد المرتضى المهري - الصفحة ٤٢
ولايته التي نالها بتفويض من تلك الخلافة، ولم يتم له دعوى القيام بمطالبة دم الخليفة المقتول. وإذا سلم ان الخلافة لا تتم إلا ببيعة المهاجرين والأنصار دون عامة المسلمين في مختلف الأقطار والأمصار، فإنه لا يبقى له عذر في مقابلة أمير المؤمنين عليه السلام، وعدم التسليم لخلافته التي تستمد شرعيتها من نفس منبع الشرعية التي استمدت منه الخلافات الماضية. وليس هذا احتجاجا بأصول يسلمها الإمام عليه السلام، وقد مر آنفا انه لا يمكن التسليم لصحة هذه الدعوى، وانه لا وجه لاختصاص نظام الشورى بالمهاجرين والأنصار، حتى لو فرضنا صحة ما يقال من اختصاصه بأهل الحل والعقد، مع أنه أيضا بمعزل عن الصوب كما هو واضح. ويتبين ذلك بوضوح من ملاحظة قوله عليه السلام لأنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان... أتراه يدعي أنه لو قدر له البقاء إلى عهد لم يبق فيه أولئك النفر فبايعه جميع الناس دونهم لكونهم موتى فهل يرتاب أحد في شرعية هذه البيعة بحجة انه لم يبايع فيه أحد من أولئك النفر؟!
وهكذا يظهر بابين من الشمس ان الاحتجاج على الخصم يبتني على أصوله التي لا يستطيع انكارها وإن لم تكن صحيحة عند المستدل.
ثم قال الكاتب (ص 24): وقد كان الإمام علي عليه السلام ينظر إلى نفسه كإنسان عادي غير معصوم، ويطالب الشيعة والمسلمين أن ينظروا إليه كذلك، ويحتفظ لنا التاريخ برائعة من روائعه التي ينقلها الكليني في الكافي والتي يقول فيها: إني لست في نفسي بفوق أن أخطئ ولا آمن ذلك من فعلي، إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني (1).
لا شك ان الإمام كغيره من المعصومين ليس في نفسه بفوق أن يخطئ وهذا شأن كل انسان، وقد قال الله تعالى في شأن نبيه سيد المعصومين: (ولولا ان ثبتناك لقد كنت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا) (2) فهو في نفسه لا يملك عصمة وليس معصوما من هذا الذنب الكبير الذي ينافي رسالته وأمانته وانما عصمته مستمدة من تثبيت الله له، ونحن لا نعتقد عصمة للإمام ولا للرسول ولا لأي أحد من دون تثبيت الله له وأين هذا من نفي العصمة رأسا وكونه انسانا عاديا كما يحاول اثباته الكاتب؟!.
رئيسية

(1) روضة الكافي: ص 292 و 293.
(2) الاسراء: 74 - 75.
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42