منها التعبير بالنيابة وانما كانوا يرجعون شيعتهم في فصل الخصومات والتصرف في أموال القاصرين والغائبين ونحو ذلك مما يتطلب ولاية شرعية إلى الفقهاء، ولم تكن هذه الولاية خاصة بعصر الغيبة أي عصرنا هذا بل كانت لهم الولاية حسب هذه الروايات في عصر الأئمة عليهم السلام، وكان لا بد لهم من تعيين مرجع يركن إليه الشيعة في حاجاته هذه بعد أن كانوا يمنعونهم من الركون إلى الظلمة كما منعه الله تعالى في كتابه الكريم (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار...) خصوصا بملاحظة أن القضاة والولاة ما كانوا يحكمون حسب فقه أهل البيت عليهم السلام الذي كان يرفض بشدة الاحكام التي تداولتها السلطة وتبعهم عامة الناس وسموها أحكاما شرعية اسلامية.
وعلى أساس تلك الروايات كان الفقهاء مراجع الشيعة في كل ما يتوقف على ولاية شرعية في عصر الأئمة عليهم السلام وبعدهم. والذي حدث أخيرا انما هو تعميم الولاية ثم القول باطلاقها وتشييد بناء الحكومة على أساسها وهذا امر آخر. وهو أيضا لا يتوقف على دعوى النيابة عن الامام بل يستند كما ذكرنا إلى نفس الروايات المذكورة بتوسع في فهم مداليلها.
وليس كلامنا هنا حول تقييم نظرية ولاية الفقيه وتأييدها أو عدمه وانما الكلام في تفنيد هذه المزعمة، ان ملاحقة هذه النظرية أدى بالكاتب إلى انكار وجود الامام المهدي عليه السلام كما زعمه في مقدمة الطبعة اللندنية فهذه مسيرة لا تنتهي إلى ذلك الأفق وما أظنه قد انتهى به السير إلى ذلك، بل هذه مزعمة اختلقها بعد محاولته لضرب أساس مذهب أهل البيت عليهم السلام أراد بها - كما ذكرت - ان يصبغ حديثه صبغة سياسية وقبل ذلك أراد أن يلبسه ثوبا زاهيا مصطنعا فكأنه ما كان متعمدا وقاصدا في انكاره هذا لئلا تحوم حوله الشكوك أو الظنون كما تحوم حول كل الأقلام المستأجرة وانما هو نتيجة فرضتها طبيعة البحث والتعمق بدءا من ولاية الفقيه ومرورا بفكرة الامام المهدي عليه السلام وانتهاء بالإمامة ككل وتبديلها بالشورى وهو غير صادق في ذلك فمن الواضح ان المسير الطبيعي لمن يحاول تفنيد نظرية ولاية الفقيه ان يفند أدلتها التي استند إليها دعاتها دون ان يختلق له صبغة النيابة العامة التي تنادي بها عامة الناس ويحاول على أساسه نفي المنوب عنه لتنتفي النيابة. والذي يبدو أنه كان يلاحق من البدو نظرية الإمامة واستنادها إلى النص وهذا انكار لأصل التشيع ومذهب أهل البيت عليهم السلام ومن الغريب انه مع ذلك يعبر عنهم ب (الإمام المعصوم). وما هذه إلا مراوغة كفى الله شرها.
وسترى من خلال البحوث الآتية انه غير صادق في كل تتبعاته التي آلت به إلى انكار أصل الإمامة، وان الشيعة كانوا يعتقدون بان القيادة الاسلامية تتعين بالشورى. ونحن لا نريد ان ننكر ضرورة الاستناد إلى رأي الأمة في العصر الحاضر لتعيين القيادة وان كان سيدنا الامام الخميني رضوان الله عليه لم يقل به