حكم الأرجل في الوضوء - السيد علي الميلاني - الصفحة ٤٠
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: ويل للأعقاب من النار " (1).
لا سيما وأن في رواية أحمد أنها إنما قالت له ذلك " لأنه أساء الوضوء " مع أن الراوي أجمل الكلام فلم يصرح بالخصوصية التي أساء فيها الوضوء، وهي عدم المسح الكامل على الرجلين!
وحينئذ لا تبقى حاجة للنظر في أسانيد روايات مسلم هذه عن عائشة...
تصرفات القوم في هذا الحديث:
ولما ذكرنا من ظهور هذه الرواية في المسح دون الغسل، نرى القوم يتصرفون في لفظها ويحرفون متنها، لصرفها عن الدلالة المذكورة، كي لا يتم للقائلين بالمسح التمسك بها بعد أن كانت أصح ما في الباب! ولا بأس بذكر بعض ذلك، ليكون ذلك من شواهد دلالة الحديث على المسح:
* فقد أخرج أبو داود الحديث بنفس السند في باب إسباغ الوضوء قائلا:
" حدثنا مسدد، ثنا يحيى عن سفيان، حدثني منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي يحيى، عن عبد الله بن عمر (2) إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رأى قوما وأعقابهم تلوح فقال: ويل

(1) صحيح مسلم بشرح النووي 2 / 128.
(2) كذا في رواية أبي داود ورواية ابن ماجة الآتية، فهو " عبد الله بن عمر " لا " عبد الله بن عمرو " وكذا في المتنقى - متن نيل الأوطار - وفي بعض كتب المتأخرين وفي الكشاف 1 / 611 رواه عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، قال: وعن ابن عمر: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فتوضأ قوم وأعقابهم بيض تلوح فقال: ويل للأعقاب من النار " فقال ابن حجر في (تخريجه): " تنبيه: لم أره من حديث ابن عمر وكأنه تحرف على صاحب الكتاب أو بعض من أخذه عنه " قلت: قد رأيت أنه في غير واحد من كتب الحديث - ومنها بعض السنن - ولا أظن أن الأمر كما ذكر ابن حجر، فإن ذلك لا يليق بمثل أبي داود وابن ماجة وأمثالهما من الأئمة، بل لعل هؤلاء قد فطنوا إلى إشكال في نسبة الحديث إلى " ابن عمرو بن العاص " لم يتفطن إليه البخاري ومسلم، فنسبوه إلى " ابن عمر بن الخطاب " وعليك بمزيد التأمل في المقام!!
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»