حكم الأرجل في الوضوء - السيد علي الميلاني - الصفحة ٦٤
القائلين بوجوب الغسل بكونه مزيلا للأوساخ، على أن عمومات الحث على النظافة، وكذا العمومات الواردة في كون المصلي متجملا نظيفا في بدنه ولباسه وافية بالغرض، ولذا نرى عوام الشيعة يغسلون أرجلهم ثم يتوضأون ويمسحون عليها كما أمرهم الله ورسوله...
ثم إن من القائلين بالغسل من قال في توجيه قراءة الجر بأن فائدة ذلك التنبيه على أنه ينبغي أن يقتصد في صب الماء عليها ويغسل غسلا يقرب من المسح (1) وكيف يحصل الغرض وهو النقاء والنظافة بالغسل القريب من المسح؟
لكن الحامل للقوم على هذا الاستحسان - كأولئك الذين قالوا بالغسل من جهة الاحتياط أو غير ذلك - قصور الأمور المستدل بها للغسل عن الدلالة على وجوبه، بل لقد أذعن الكبار من علمائهم السابقين واللاحقين كالفخر الرازي، والنيسابوري، والحلبي، والسندي... وغيرهم بأن الأدلة - وخاصة الآية المباركة - صريحة في المسح...
ومن المتأخرين المصرحين بذلك: العلامة القاسمي: فإنه قال في آخر كلامه:
" ولا يخفى أن ظاهر الآية صريح في أن واجبهما المسح كما قاله ابن عباس وغيره، وإيثار غسلهما في المأثور عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) إنما هو للمزيد في الفرض والتوسع فيه، حسب عادته (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإنه سن في كل فرض سننا تدعمه وتقويه، في الصلاة والزكاة والصوم والحج، وكذا في الطهارات، كما لا يخفى.
ومما يدل على أن واجبهما المسح تشريع المسح على الخفين والجوربين، ولا سند له إلا هذه الآية، لأن كل سنة أصلها في كتاب الله منطوقا أو مفهوما. فاعرف ذلك واحتفظ به " (2).
أقول:
قد اعترف بالحق، ثم ادعى أن المأثور عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الغسل، وقد عرفت بطلان هذه الدعوى.
* وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين *

(1) تفسير البيضاوي - بحاشية الشهاب - 2 / 221.
(2) تفسير القاسمي 6 / 1894.
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64