الكلام في متنه ومدلوله:
وأما دلالة الحديث، ففي لفظ مسلم ما يبين الإجمال الموجود في لفظ البخاري، ففي البخاري: " فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته... " فليس فيه ذكر للأعقاب، لكنه عند مسلم: " فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسها الماء فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ويل للأعقاب من النار ".
ومن الواضح أن لفظ مسلم هو الصحيح، إذ لا بد من أن يكون هناك شئ متعلق بالأعقاب حتى يقول: ويل للأعقاب من النار. وحينئذ يكون لفظ مسلم قرينة على المراد من لفظه عند البخاري، إن لم نقل بتعمد البخاري وتصرفه في اللفظ كما صنع غيره كما ستعرف...
بل في (فتح الباري): " وفي أفراد مسلم: فانتهينا إليهم وأعقابهم بيض تلوح لم يمسها الماء " (1)... وهذا اللفظ يزيد الحديث تفسيرا ووضوحا.
وحينئذ يكون حديث: " ويل للأعقاب من النار " أو " ويل للعراقيب من النار " دالا على المسح لا الغسل، ولذا تمسك به من يقول بإجزاء المسح. قال ابن حجر:
" فتمسك بهذا الحديث من يقول بإجزاء المسح " (2).
وقال القسطلاني بشرحه:
" استنبط من هذا الحديث الرد على الشيعة القائلين بأن الواجب المسح أخذا بظاهر قراءة (وأرجلكم) بالخفض، إذ لو كان الفرض المسح لما توعد عليه بالنار. لا يقال: إن ظاهر رواية مسلم أن الإنكار عليهم إنما هو بسبب الاقتصار على غسل بعض الرجل حيث قال: فانتهينا إليهم وأعقابهم بيض تلوح لم يمسها الماء. لأن هذه الرواية من أفراد مسلم... " (3).
وقال ابن رشد بعد أن ادعى أن قراءة النصب ظاهرة في الغسل: