حكم الأرجل في الوضوء - السيد علي الميلاني - الصفحة ١٨
الثاني:
إن الأرجل مجرورة بفعل محذوف يتعدى بالباء، أي: وافعلوا بأرجلكم الغسل. ثم حذف الفعل وحرف الجر. ذكره أبو البقاء (1).
ولا يخفى أنه تكلف بلا وجه وتقدير بلا دليل، والأصل عدمه.
ولذا قال أبو حيان بعد أن ذكره: " وهذا تأويل في غاية الضعف " (2) وكذا قال الشهاب الخفاجي (3) ولهذا أيضا لم يذكره سائر العلماء.
الثالث:
ما ذكره الزمخشري من الفلسفة غير المستندة إلى دليل شرعي، قال:
" قرأ جماعة (وأرجلكم) بالنصب، فدل على أن الأرجل مغسولة. فإن قلت: فما تصنع بقراءة الجر ودخولها في حكم المسح؟ قلت: الأرجل من بين الأعضاء الثلاثة المغسولة تغسل بصب الماء عليها، فكانت مظنة للإسراف المذموم عنه، فعطفت على الثالث الممسوح لا لتمسح، ولكن لينبه على وجوب الاقتصاد في صب الماء عليها.
وقيل: (إلى الكعبين) فجئ بالغاية إماطة لظن ظان يحسبها ممسوحة، لأن المسح لم تضرب له غاية في الشريعة.
وعن علي - رضي الله عنه - أنه أشرف على فتية من قريش، فرأى في وضوئهم تجوزا فقال: ويل للأعقاب من النار، فلما سمعوا جعلوا يغسلونها غسلا ويدلكونها دلكا.
وعن ابن عمر: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فتوضأ قوم وأعقابهم بيض تلوح، فقال:
ويل للأعقاب من النار... " (4).
والزمخشري لم يذكر إلا هذا الوجه، وهذا في الحقيقة رد على الوجوه الأخرى وإبطال لها، كما أن ظاهر كلامه التجاؤه إليه لدلالة الأخبار على الغسل.
وقد نقل العيني عنه هذا الوجه وارتضاه كما هو ظاهر عبارته (5) بل اعتمده النسفي من غير أن ينسبه إلى الزمخشري (6).

(١) إملاء ما من به الرحمن ١ / ٢١٠.
(٢) البحر المحيط ٣ / ٤٣٨.
(٣) الشهاب على البيضاوي ٣ / ٢٢١.
(٤) الكشاف ١ / ٦١١.
(٥) عمدة القاري ٢ / 239.
(6) تفسير النسفي - هامش الخازن - 2 / 441.
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»